كيف تتحقق من ملاءمة المنتج للسوق على أرض الواقع؟

5 دقائق
اختبار الحرارة
shutterstock.com/Cagkan Sayin
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخصلاختبار منتجات جديدة، تعتمد غالبية الشركات على إنشاء منتج الحد الأدنى (MVP) ومراجعة تقييمات العملاء، أو عبر إنشاء مجموعات التركيز (focus groups) أو إجراء استقصاءات تسويقية. هناك طريقة أخرى يجب على الشركات تجربتها وهي ما ندعوه “اختبار الحرارة” (Heat-testing)، أو بعبارة أخرى، اختبار تفاعل المستهلك مع الإعلانات عبر الإنترنت. وهذه الاختبارات هي اختبارات ثورية لأنها تُجرى على أرض الواقع، وعلى عكس مجموعات التركيز أو الاستقصاءات التي تعتمد على ما يقوله المستهلكون من ملاحظات، فإن من يقومون بالنقر على أحد الإعلانات أو الإعجاب به، يظهرون سلوكاً واقعياً واهتماماً قد يكون أكثر فاعلية من التقييمات والملاحظات.

 

اعتمدت الشركات على أبحاث السوق منذ ثلاثينيات القرن الماضي لمعرفة احتياجات المستهلكين، وتوفر مجموعات التركيز مدخلاتٍ حول سلوك المستهلكين واتجاهاتهم، وتستكشف أدواتٌ مثل التحليل المشترك (conjoint analysis) المفاضلات التي يجريها المستهلكون عند التفكير بشراء منتج ما، وتُستخدم الاستقصاءات البحثية للسوق في تقييم فرص نجاح منتج معين في السوق.

فما القاسم المشترك بين كل طرائق إجراء أبحاث السوق هذه؟ المشترك بينها هو أنه لا يتم إجراء أي منها في بيئة السوق الحقيقية.

في جميع الحالات، يدرك المستهلكون تماماً أنهم جزء من مجهود بحثي لسبر السوق، ما يعني أن خبير تسويق المنتج يحصل من خلال هذه الأبحاث على ثروة من البيانات حول كيفية وصف الناس لسلوكهم واتجاهاتهم. ولكن هذه الطرائق تفتقر إلى بيانات ورؤى ثاقبة حول السلوك الواقعي. هناك طريقة سهلة التطبيق تتمثل في استخدام الإعلانات عبر الإنترنت كأداة من أدوات أبحاث السوق. تُعد الاستجابات للإعلانات الرقمية، مثل عدد النقرات والإعجابات والاشتراكات عبر البريد الإلكتروني، مؤشرات ذات موثوقية عالية حول التنبؤ بشراء المنتج لأنها تعكس سلوك المستهلكين دون أي تدخل أو توجيه. ويوفر الاختبار من خلال الإعلانات بيانات واقعية حول كيفية استجابة العملاء لمفاهيم المنتجات الجديدة وإعادة تسمية العلامات التجارية (rebrands) وغيرها من الخطوات الاستراتيجية الكبيرة.

ندعو هذا النوع من البحث “اختبار الحرارة” (Heat-testing)، وينطوي على البحث عن العامل المشترك بين العرض والجمهور المستهدف، الذي يُعد الأساس في ملاءمة المنتج للسوق. فيما يلي ثلاثة حلول يقدمها اختبار الحرارة لخبراء التسويق:

1. التحقق من الطلب على مفاهيم المنتج الجديد

لنفترض أنك تعمل على مفهوم جديد للمشروبات: قرص قابل للذوبان بنكهات غريبة -مثل نكهة زهرة البيلسان أو الكركديه- يمكن أن يُكسِب الماء طعماً أفضل. ويقدم المنتج مزايا الاستدامة، حيث لا يحتاج إلى الكثير من أعمال التعبئة والتغليف ولا حاجة إلى شحن الماء، بالإضافة إلى أن مقاربة إمكانية إضافة النكهات بنفسك تضفي بعض الرفاهية على المنتج. ويسمح المنتج بالتخصيص أيضاً، حيث يمكن الجمع بين عدة نكهات لصنع مزيج مخصص من الشراب.

السؤال الجوهري الذي يبحث الجميع عن الإجابة عنه قبل طرح منتج جديد مثل هذا: هل سيشتريه أي شخص؟ هناك الكثير من نقاط الضعف في أبحاث السوق عندما تحاول الإجابة عن هذا السؤال: قد تحجب سيطرة عدد قليل من الأشخاص في مجموعات التركيز الآراء المهمة، وتكثر الأسئلة الشرطية في الاستقصاءات (إذا كان كذا… فهل ستشتريه؟)، وبالإضافة إلى ذلك، فإن مقدار الوقت الطويل والعمالة الكبيرة اللازمة لتغطية مختلف الإثنيات وما إلى ذلك يعيق تسريع وتيرة الابتكار إلى المستوى المنشود لمواكبة السوق والحفاظ على صدارة الشركة.

لحسن الحظ، المنصات الإعلامية مناسبة جداً لإجراء اختبارات تنطوي على العديد من المتغيرات، ما يسهل الوصول بسرعة إلى رؤى ثاقبة مدعومة بالبيانات. تتمتع منصات مثل فيسبوك وإنستغرام وتويتر ولينكد إن وجوجل بإمكانية الوصول الفوري إلى ملايين المستهلكين الذين يمكن تقسيمهم إلى مجموعات منفصلة واستهدافهم من خلال إعلانات متعددة تعرض منتجاً جديداً.

ستنجح بعض الإعلانات، وسيفشل بعضها الآخر، ما يوفر بيانات حول المكان الذي يجب إعادة تنظيم متغيرات الاختبار فيه. تتضمن متغيرات الاختبار تعريف المنتج الجديد ومزاياه وتموضعه والعلامة التجارية ورسالته وأسلوب طرحه المبتكر، بالإضافة إلى مجموعات المستهلكين المُستهدفة ودعوتهم لاتخاذ إجراء لجذبهم والتسعير وغير ذلك من العوامل التي تشكّل عناصر الحملة التسويقية.

في حالة منتجات المشروبات، يمكن اختبار 3 تموضعات للمنتج: الاستدامة والرفاهية وإمكانية التخصيص، بحيث يظهر كل منها في اثنين من الإعلانات. (يجب ألا يكون تصميم الإعلان وحده السبب في نجاح تموضع المنتج أو فشله مطلقاً، حيث يجب استخدام نهجين إبداعيين على الأقل لتقليل النتائج الإيجابية الزائفة). ونظراً لأنه يجب على شركتك بناء قاعدة عملاء من الشباب، يمكن أن تستهدف الإعلانات 3 فئاتٍ عمرية مختلفة تتراوح بين 25 و34 عاماً، يمكن إعطاؤها مسميات مختلفة. وكما هو الحال في حملات التسويق التقليدية، يتم دمج الإعلانات وصفحات الهبوط والمحتوى الداعم لإنشاء تجربة مستخدم سلسة.

لكن بعض العناصر هنا تختلف عن عناصر حملة التسويق التقليدية بما يلي:

  1. وجود عبارة “قيد التطوير” أو “قريباً في الأسواق” لعكس حالة مفهوم المنتج.
  2. الافتقار إلى قاعدة بيانات موجودة مسبقاً للعملاء، وبالطبع.
  3. حقيقة أن هناك عدة استراتيجيات للتسويق يجري اختبارها بالتوازي.

كيف تعرف إن كان هناك طلب على مفهوم المشروبات الذي تفكر فيه؟ إذا بدأ العملاء المحتملون بإعطاء شركتك عناوين بريدهم الإلكتروني لمعرفة المزيد حول هذا المنتج غير الموجود حالياً، فذلك مؤشر جيد على رغبتهم بشرائه. في الواقع، يركز الناس أكثر فأكثر على الخصوصية في هذا الوقت، وبالنظر إلى شيوع استخدام البريد الإلكتروني لما يوفره من خصوصية، فإن ارتفاع معدل الاشتراكات عبر البريد الإلكتروني هو أفضل طريقة للتحقق من الطلب على منتج ما حتى قبل إنتاجه فعلياً.

2. البحث عن مستهلكين جدد لمنتج موجود

يمكن أن يكشف اختبار الحرارة أيضاً عن فرص النمو للمنتجات الحالية. في الحقيقة، تنطوي عملية إعادة تموضع منتج قديم لمجموعات مستهدفة جديدة على المخاطر؛ فالرسائل أو الصور الجديدة للمنتج يمكن أن تؤدي إلى تنفير قاعدة العملاء الحالية. يحدد اختبار التموضع الجديد على نطاق ضيق مع مجموعات مستهدفة ملاءمة المنتج للسوق، ما يمنح العلامات التجارية الفرصة لضخ إيرادات إضافية دون جهد كبير، ويمكن للاختبار الإضافي للتموضعات الناجحة بالنسبة لقاعدة العملاء الأساسية -مرة أخرى على نطاق ضيق- تحديد أي مخاطر قد تمثلها الرسالة الجديدة للمنتج.

3. تعرف على كيفية استجابة الجمهور المستهدف للعروض

الهدف من “اختبار الحرارة” هو اكتشاف الحرارة -أي الملاءمة بين المنتَج والعميل- والعناصر التسويقية التي تخلق هذه الملاءمة. لا يشبه اختبار الحرارة اختبارات أ/ب (A|B testing) الشبكية التي تتم في بيئات توجد بها حركة مرور عبر الإنترنت بالفعل، والتي يُوجه فيها المستخدمون تلقائياً إلى أشكال مختلفة من صفحات الويب الحالية لضمان أخذ عيّنات عشوائية من آرائهم. استراتيجية اختبار الحرارة مختلفة. نظراً لأن المنتج و/أو الجمهور جديدان، يجب توليد حركة مرور إلى صفحات الهبوط، ومن الأفضل أن تكون في الأماكن التي تفتقر فيها العلامة التجارية إلى آلية موجودة لجذب العملاء المحتملين. إن توليد حركة المرور هذه لمفاهيم المنتجات الجديدة ليس مجرد عمل روتيني ممل، بل هو فرصة حقيقية للتعلم والإجابة عن أسئلة من قبيل: هل سيستجيب جمهور جيل الألفية لتموضع الاستدامة أكثر أم لتموضع إمكانية التخصيص؟ ما المزيج الأفضل من التموضع والأسلوب الإبداعي والجمهور لتوليد عددٍ أكبر من تسجيل الاشتراكات لكلّ مفهوم؟ ما نسبة الأشخاص الذين اشتركوا لمعرفة مزيد من المعلومات بمجرد وصولهم إلى صفحة الهبوط؟ ما تكلفة كل اشتراك عبر البريد الإلكتروني، وماذا يمكننا أن نستشفّ من ذلك بشأن تكلفة اكتساب العملاء؟ هل يختلف السلوك باختلاف المنصة التي يتم الإعلان عليها؟ تسمح الإجابة عن هذه الأسئلة الكبيرة والمهمة باتخاذ خطوات من شأنها الحد من مخاطر المضي بمبادرات تسويقية جديدة مكلفة جداً.

اختبار الحرارة هو اختبار ثوري لأنه يُجرى على أرض الواقع. تمثّل كل نقرة على الإعلان أو حفظه أو الإعجاب به، وحتى كل استعراض لصفحة الهبوط، بيانات حقيقية. وعندما تقارن أداء كل متغير من متغيرات الحملة اعتماداً على هذه البيانات، ستتعلم الكثير عن كيفية خلق تموضع للمنتج الجديد، وأفضل ما في الأمر أن هذه النتائج مقبولة إحصائياً. يأخذ نهجنا في الابتكار مفهوم منتج الحد الأدنى (MVP) الذي ابتكره إريك ريس إلى مستوى جديد كلياً.

يتبنى رايس في كتابه “نهج الشركات الناشئة الرشيقة” (The Lean Startup) فوائد طرح منتج الحد الأدنى وتحسينه بعد ذلك بناءً على تقييمات المستخدمين الحقيقيين، بينما يسمح اختبار الحرارة بأن تكون تكلفة منتج الحد الأدنى أقل بكثير مما تخيَّله رايس نفسه، إنه ليس منتجاً حتى، ومع ذلك هو شيء يمكن للمستهلكين الاستجابة له. يتطلب استكشاف ملاءمة المنتج للسوق عن طريق اختبار الحرارة تكرار العديد من المتغيرات، لذلك من المهم الالتزام بالمبادئ العلمية للحصول على نتائج مقبولة، لكن استخلاص رؤىً ثاقبة حول قرارات الشراء تستند إلى بيانات سلوكية من العالم الواقعي يستحق الجهد المبذول. في النهاية، ستعرض “خريطة الحرارة” للمنتج شرائح الجمهور الأكثر استجابة له والطرق الأكثر فاعلية لإشراكهم.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .