الجامعات اضطرت للانتقال إلى التعليم الإلكتروني رغم أنه مصير كانت تتجنبه منذ زمن

7 دقائق
التعليم الإلكتروني
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: قبل الجائحة، كان هناك اعتراف على نطاق واسع بأن نموذج العمل التقليدي في قطاع التعليم العالي يواجه تحديات خطيرة. لذا، يعتبر خريف عام 2020 نقطة انعطاف مهمة، مع بدء كل من الطلاب والمدرسين والقادة الحكوميين على حد سواء بالتدقيق في الأسعار وعروض القيمة التي يقدمها التعليم العالي، من خلال منظور جديد يقارن بين القاعات الدراسية التقليدية والأشكال المختلفة للتعليم عبر التقنيات الرقمية أو ما يسمى “التعليم الإلكتروني”. كما تتزايد آثار تعلم الآلة والرسائل النصية والذكاء الاصطناعي أيضاً في تحسين الخدمات والدعم المقدم للطلاب. تزيد هذه التطورات التقنية من ضرورة اعتبار التحول الرقمي والتقنيات الرقمية أولوية استراتيجية مركزية لدى قادة الكليات وواضعي السياسات الذين يحكمونها، وخصوصاً فيما يتعلق بأعمال الكليات الرئيسية، أي التعلم ومنح الشهادات. يشكل هذا العام الدراسي نقطة انعطاف مهمة للكليات والجامعات الأميركية، فأيها ستغتنم الفرصة للتحول، وأيها ستتخلف عن الركب؟

 

تلقى قطاع التعليم العالي ضربة قوية بسبب جائحة “كوفيد-19″، إذ أدى إغلاق الجامعات في فصل الربيع إلى اندفاعها بسرعة نحو “التعلم عن بعد” أو التعليم الإلكتروني، ما تسبب بكشف التبني المجزأ للقدرات الرقمية وتقنيات التعليم عالية الجودة في عدة آلاف من الكليات والجامعات. وكان الفصل الدراسي الخريفي المضطرب، إلى جانب التراجع عن السماح للجامعات بفتح أبوابها للطلاب، والخيارات المختلطة والمتباينة في التعليم عبر الإنترنت سبباً في زيادة الضغط على الكليات والجامعات في أميركا.

التعليم الإلكتروني عبر التقنية

قبل الجائحة، كان هناك اعتراف على نطاق واسع بأن نموذج العمل التقليدي في قطاع التعليم العالي يواجه تحديات خطيرة. لذا، يعتبر خريف عام 2020 نقطة انعطاف مهمة، مع بدء كل من الطلاب والمدرسين والقادة الحكوميين على حد سواء بالتدقيق في الأسعار وعروض القيمة التي يقدمها التعليم العالي، من خلال منظور جديد يقارن بين القاعات الدراسية التقليدية والأشكال المختلفة للتعليم عبر التقنيات الرقمية.

أقدم عدد من المؤسسات التعليمية المتميزة، ومنها “جامعة برينستون” و”كلية ويليامز” و”كلية سبيلمان” و”الجامعة الأميركية”، على حسم نسبة كبيرة من رسوم التعليم التي تتقاضاها لقاء تجربة التعليم غير المسبوقة التي تقدمها عبر الإنترنت بصورة كاملة، لتسلط الضوء على الضغوط المتعلقة بالتسعير وكشف أوجه الجشع والكذب فيه. كان ذلك بعد عقد من الزمن حققت فيه البدائل المتاحة للدراسة بعد المرحلة الثانوية نمواً ملحوظاً، وهي تشمل الدورات التعليمية الجماعية المفتوحة على الإنترنت (MOOCs)، والبرامج التعليمية القصيرة التي تقدمها القطاعات وتمنح شهادات دراسية لمن يجتازها، والمعسكرات التدريبية المكثفة لتعليم كتابة الشفرة البرمجية.

على الأرجح، سنتذكر هذه اللحظة على أنها نقطة انعطاف حاسمة بين “الزمن السابق”، عندما كان الأساس هو التعلم التناظري الذي يركز على الحصول على الشهادة الجامعية من داخل الحرم الجامعي؛ والزمن اللاحق، حيث أصبح فيه التعلم الرقمي عبر الإنترنت الذي يركز على الجانب المهني هو ركيزة المنافسة بين المؤسسات التعليمية.

إن قطاع التعليم العالي متأخر بمراحل كثيرة عن القطاعات الأخرى في الانتقال إلى نموذج عمل يركز على النتائج وقائم على التقنيات الرقمية. ويتمثل أحد مقاييس هذا التأخر في تخصيص نسبة لا تزيد عن 5% من ميزانيات الكليات لتغطية تكاليف تقنية المعلومات. وفقاً لبيانات وزارة التعليم الأميركية، وعلى الرغم من أن ثلث طلاب الكليات الأميركية قد تلقوا دروساً عبر الإنترنت قبل الجائحة، فإن الثلثين الآخرين لم يتلقوا سوى محاضرات تقليدية ضمن الحرم الجامعي، التي لم تشهد تغييراً يذكر منذ مئات السنين. قطاع التعليم هو أحد أقل القطاعات الاقتصادية اعتماداً على التقنيات الرقمية، وأكثرها كثافة من ناحية أعداد العاملين والطلاب، ما يشير إلى قوة احتمال حدوث زعزعة قائمة على التقنية وتحمل مخاطرها. وبعد تقدم بطيء دام عقدين من الزمن نحو نموذج عمل أكثر اعتماداً على التقنيات الرقمية، أدت أحداث عام 2020 إلى تسريع التحول التقني المتأخر أساساً في قطاع التعليم العالي، الذي أصبح يركز أكثر من أي وقت مضى على تجارب التعلم ونماذج العمل القائمة على التقنية والتحليلات المحوسبة.

وكما هو الحال في كثير من القطاعات الاقتصادية الأخرى، فإن التحول الرقمي في التعليم بعد المرحلة الثانوية يعتمد بصورة متزايدة على الشركات الناشئة ورؤوس الأموال الخاصة. وفقاً لشركة الذكاء الاستثماري “هولون آي كيو” (HolonIQ)، فإن النصف الأول من عام 2020 شهد ثاني أكبر استثمار نصف سنوي في تقنيات التعليم على مستوى العالم، إذ بلغت قيمته 4.5 مليار دولار، وهي أكبر بثلاث مرات من قيمة متوسط الاستثمارات نصف السنوية لرأس المال المغامر (أو رأس المال الجريء) على مدى العقد الماضي. ركز قسم كبير من هذه الاستثمارات على التعليم العالي ونقاط التقائه مع القوى العاملة. وعلى خلاف القطاعات الأخرى، كالتمويل والرعاية الصحية مثلاً، تأخر قطاع التعليم في الحصول على دعم “قطاع” تمويِلي، لكن توجهاته الحالية تساعده على اللحاق بالركب على نحو سريع.

الجيل التالي من تقنيات التعلم عبر الإنترنت توسعه الخوارزميات

أصبح التعلم عبر الإنترنت أساسياً في عام 2020، لكن النهج الذي تطبقه معظم الكليات هو نهج بسيط “للتعلم عن بعد” يقوم على المحاضرات المباشرة عبر منصة “زووم”، التي تعتبر أسلوباً مطوراً قليلاً عن الاجتماعات عبر اتصال الفيديو التي بدأت في نهايات التسعينيات من القرن الماضي. لكن، في سوق البرامج التعليمية والشهادات الجامعية التي يتم تقديمها عبر الإنترنت بصورة كاملة، والذي تبلغ قيمته عدة مليارات من الدولارات، ظهرت تقنيات ومنصات جديدة قائمة على الحوسبة السحابية ومجموعات البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي. تستفيد منصات الدورات التعليمية الجماعية المفتوحة، مثل “كورسيرا” (Coursera) و”إيد إكس” (EdX) من البيانات التي تجمعها من ملايين المتعلمين ومليارات نقاط البيانات من الدورات التعليمية، وتستخدم تعلم الآلة من أجل تقييم تكليفات الطلاب وتقديم محتوى وتقييمات تكيفية بصورة تلقائية.

تقوم المؤسسات ذات الفكر الاستشرافي، مثل “جامعة إلينوي” بزعزعة سوق شهادات الدراسات العليا، إذ تستخدم تقنيات تخفض من عمل هيئة التدريس من أجل توسيع البرامج لتشمل آلاف الطلاب بتكلفة مخفضة تبلغ 22 ألف دولار مقابل البرنامج الكامل لشهادة الماجستير في إدارة الأعمال، ما يؤدي إلى الاستغناء عن عروض برامجها التقليدية التي تستدعي الحضور إلى حرم الجامعة. يحتل “معهد جورجيا تك” (Georgia Tech) الصدارة ببرنامجه لشهادة الماجستير في علوم الكمبيوتر عبر الإنترنت، الذي يكلف 7,000 دولار فقط. وقد أعلن مؤخراً أن عدد الطلاب المسجلين لديه في الفصل الدراسي الخريفي قد تجاوز 10 آلاف طالب. والآن، يتوفر أكثر من 50 برنامجاً لشهادات الدراسات العليا قائم على الدورات التعليمية الجماعية المفتوحة في العالم، وتم تخفيض أسعار كثير منها بدرجة أكبر. إن تجميع عدة جامعات مع دوراتها وبرامجها التعليمية في منصات منفردة موزعة يؤدي إلى فتح قنوات جديدة للأعمال بين الشركات (B2B) من خلال الشراكات المباشرة مع أصحاب العمل. والشركات التي تقدم التعليم عبر الإنترنت، مثل “ستريتر لاين” (StraighterLine) و”يوديمي” (Udemy)، تقطع شوطاً أبعد في هذا الاتجاه، إذ توفر خيارات على نمط خيارات نتفليكس، تمكن الطلاب من تحصيل الساعات المعتمدة أو المؤهلات التعليمية الأخرى التي يمكن تحصيلها بمقابل اشتراك مالي شهري.

الاعتماد على الذكاء الاصطناعي والتحليلات المحوسبة في تعليم الطلاب ودعمهم

تتزايد آثار تعلم الآلة والرسائل النصية والذكاء الاصطناعي أيضاً في تحسين الخدمات والدعم المقدم للطلاب. وكما هو الحال في الشركات التجارية، بدأت جامعات كثيرة باستخدام روبوتات الدردشة المختلطة (تدار بواسطة الإنسان والآلة معاً) والقائمة كلياً على الذكاء الاصطناعي من أجل دعم الطلاب والإجابة عن أسئلتهم، أو التكامل مع أنظمة إدارة التعلم التي يتبعونها، أو تمكين حالات الاستخدام المختلط التي تدعم موظفي خدمة الطلاب بالبيانات، أو استخدام ميزة التعرف على الأنماط لمساعدة الطلاب في التعامل مع الأمور الأساسية المتعلقة بالالتحاق والتسجيل ومعرفة المواعيد النهائية للدورات التعليمية. تتوسع هذه الأساليب أيضاً نحو استخدام التقنيات الرقمية في الخدمات ضمن حرم الجامعة، من خلال استخدام أجهزة مكبرات الصوت الذكية في أبنية سكن الطلاب، وهي ابتكارات الخدمة الذاتية الأساسية التي تجعل تركيز تجربة التعليم العالي على العميل بشكل أكبر وتخفض التكاليف في نفس الوقت. وحتى المؤسسات التعليمية تستفيد من الذكاء الاصطناعي، كما يفعل “معهد جورجيا تك”، الذي احتل الصدارة بين المؤسسات التعليمية الأميركية في استخدام أجهزة مساعِدة التدريس المرتكزة على الذكاء الاصطناعي في برامج شهاداتها المقدمة عبر الإنترنت. بصورة عامة أكثر، تستثمر جامعات كثيرة في التحليلات المحوسبة التنبؤية القائمة على البيانات التي يتم توليدها عن طريق أنشطة التعلم عبر الإنترنت، والتي تعتمد غالباً على إمكانية الوصول إلى خبراء استشاريين ومجموعات بيانات خارجية.

منح الشهادات الرقمية والمواءمة بين التعليم والقوى العاملة بناء على البيانات

ثمة توجه رئيسي آخر يتمثل في استخدام التقنيات الرقمية لمنح المؤهلات التعليمية وزيادتها بدرجة هائلة. وهو انتقال سريع من السجلات والمحاضر التعليمية الجامدة التي كانت تعتمد فيما سبق على عمليات تناظرية للغاية تركز على الدرجات، إلى مؤهلات رقمية تمنح عبر الإنترنت وتركز على الشهادات والمؤهلات التي تلخص إنجازات الطالب ومهاراته أو كفاءته. يقود هذا التوجه أصحاب العمل والبرامج التعليمية القصيرة التي تقدمها القطاعات وتمنح شهادات دراسية، بالتشارك مع كليات المجتمع ومعاهد التكوين المتواصل وبرامج شهادات التعليم العالي في الجامعات. وهذا التوجه أساسي في “تجزئة” الشهادات إلى مؤهلات مصغرة تتراكم لتشكل منهجاً دراسياً أوسع يستمر مدى الحياة. يتبع العديد من شركات النخبة ومعاهد التكوين المتواصل هذا الاتجاه، ويتبنون مصادر الدخل الجديدة المتمثلة في الأنواع الجديدة من المؤهلات التعليمية الرقمية.

وفقاً للطلب في السوق، تزداد أهمية أن تنتقل الكليات والجامعات إلى ما يتعدى منح الشهادات الجامعية على اعتبارها منتجها الأساسي، وتقدم لطلابها حزماً تعليمية تمنح شهادات معتمدة تكون أسرع وأكثر اعتماداً على التقنيات الرقمية وأقل سعراً، ليحصل الطلاب من خلالها على التعلم والإتقان اللذين يثمنهما أصحاب العمل. وهذا الأمر سيصبح أساسياً في الاقتصاد الرقمي الذي يحتاج إلى الاستمرار بتحسين المهارات من أجل مواكبة التقدم التقني والتكيف مع مدة صلاحية المهارات الآخذة بالتقلص. وهذا الابتعاد عن البرامج التعليمية التي تنتهي بمجرد منح شهادة، والتوجه نحو الاستمرار بالتعلم وتحسين المهارات مدى الحياة، هو أمر مركزي في تحقيق الهدف الشامل المتمثل بتحقيق مواءمة أكبر بين التعليم والقوى العاملة، الأمر الذي يعتمد على توحيد أنظمة الكليات مع أنظمة التوظيف (أو الموارد البشرية) لدى أصحاب العمل. إذ إن هذه الأنظمة تفتقر اليوم إلى المعايير والاهتمام اللذين يضمنان الاتصال فيما بينها، وهذا يمكّننا بدوره من فتح بيئة عمل أكثر مرونة وفاعلية في المهارات الرقمية، وهذا يشمل التقدير الموثق بالشهادات للمهارات الوظيفية وخبرة العمل. من الجدير بالذكر أن هذا التغيير في النظام قد يتيح فرصاً أمام قرابة 71 مليون أميركي ممن تقول أبحاث جديدة إنهم يملكون المهارات اللازمة للنجاح في وظائف ذات أجور أعلى، ولكن يتم إهمالهم على نحو منهجي لأنهم لا يحملون شهادات جامعية.

آن لقطاع التعليم العالي أن يضع الاستراتيجية الرقمية على رأس أولوياته

تزيد هذه التطورات التقنية من ضرورة اعتبار التحول الرقمي والتقنيات الرقمية أولوية استراتيجية مركزية لدى قادة الكليات وواضعي السياسات الذين يحكمونها، وخصوصاً فيما يتعلق بأعمال الكليات الرئيسية، أي التعلم ومنح الشهادات. وكذلك، فإن تجميع الملكية الفكرية ذات القيمة والحصة السوقية لدى قلة من الشركات الرئيسة التي تنتج تقنيات التعليم يزيد من أهمية تطوير نماذج شراكة سليمة مع شركات خارجية. مثلاً، التزم كثير من أبرز الجامعات بعقود ومشاريع مشتركة على مدى عقد من الزمن وبقيمة عدة ملايين من الدولارات مع مدراء للبرامج التعليمية عبر الإنترنت في مجالات أكاديمية جوهرية حيوية. إذا تم تصميم هذه الشراكات على النحو المناسب، فستساعد الجامعات على تحقيق تقدم كبير.

كما بدأت التقنيات بتعزيز الحصة السوقية لقطاع التعليم العالي ونفوذه، تماماً كما حدث في قطاعات أخرى. وهذا يحدث بالفعل في التعلم عبر الإنترنت، إذ تقدم قرابة 2,500 كلية برامج تعليمية عبر الإنترنت، لكن أبرز 100 كلية منها حصدت قرابة 50% من الطلاب المسجلين، وذلك وفقاً لبيانات وزارة التعليم العالي. وفي هذا الخريف، يتسارع تعزيز سوق التعليم العالي الذي كان متوقعاً منذ زمن طويل وعجلت به الجائحة الجائرة. وعلى الرغم من أن طريق التحول الرقمي لا يزال طويلاً أمام الكليات، فإن هذه القدرات الرقمية تلعب دوراً حاسماً في نجاتها.

أخيراً، فإن ظهور البدائل القائمة على التقنية للدارسة الجامعية وشهاداتها يعني أن مزيداً من الخيارات ستتاح لكل من المستهلكين وأصحاب العمل. وسيتطلب ذلك معايير وبنى تحتية جديدة للتعليم الإلكتروني، فضلاً عن قوانين ترعى ضمان الجودة، وتشجع الابتكار في نفس الوقت. في أثناء هذا التحول الرقمي في قطاع التعليم، تتغير سلوكيات المؤسسات التعليمية والطلاب وأصحاب العمل في نفس الوقت، ما يجعل هذه الفترة تكتسب أهمية كبيرة في تقييم النتائج ودراسة الجدوى التجارية، وإعادة النظر في الاستراتيجيات والسياسات وأخذ وجهات نظر جديدة بالاعتبار.

يشكل هذا العام الدراسي نقطة انعطاف مهمة للكليات والجامعات الأميركية، فأيها ستغتنم الفرصة للتحول، وأيها ستتخلف عن الركب؟

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .