ماذا تفعل عندما لا يحترم رئيسك في العمل التزاماتك العائلية؟

9 دقائق
تحقيق التوازن بين التزامات العمل والتزاماتك العائلية
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

إذا أردت تحقيق التوازن بين التزامات العمل والتزاماتك العائلية، فحبذا لو كان مديرك من ذلك الصنف المتفهم والداعم.. شخص لا يرفع حاجبه استنكاراً عندما تغادر العمل مبكراً لحضور حفل مدرسي أو قضاء يوم برفقة أحد والديك المسنين خلال زيارته للطبيب.

ولكن ماذا لو لم يكن مديرك متعاطفاً مع مسؤولياتك العائلية؟ أو الأسوأ من ذلك، ماذا لو كان متعنتاً أو معادياً لالتزاماتك؟ لا شك أن هذا النوع من المدراء يشكل تحدياً صعباً، خاصة خلال الجائحة عندما تتصادم الحياة العملية والمنزلية للكثير من الموظفين. فكيف تتعامل مع مدير يرفض الاعتراف بأن وقتك ليس حكراً على العمل وحده؟ كيف تجد مساحة للمرونة؟ ما الذي يجب أن تقوله بخصوص التزاماتك العائلية؟ ومن الذي يجب أن تلجأ إليه في هذه الظروف للحصول على الدعم المعنوي والمهني؟

ما الذي يقوله الخبراء؟

تحفل الذاكرة الجماعية للكثير من الأسر العاملة وغيرهم من الموظفين الذين يتحملون مسؤولية الرعاية المكثفة للغير بقصص عن مدير يكلفهم بمهمة في الساعة 4 عصراً ويسألهم عنها في صباح اليوم التالي، أو مدير يذم آباء وأمهات عاملين آخرين على أساس أنهم غير مخلصين للشركة. تقول أفني باتيل طمسون، مؤسسة شركة “مودرن فيلاج” (Modern Village) ورئيستها التنفيذية، وهي شركة متخصصة في تقديم حلول تقنية للآباء والأمهات: “يرفض بعض المدراء إبداء تعاطفهم مع التحديات التي يواجهها موظفوهم في المنزل، ويغض البعض الآخر الطرف عنها عامدين متعمدين. قد لا يعوز المدراء الآخرون حسن النية في هذا الشأن، ولكنهم يفتقرون إلى التعاطف أو الأفكار حول كيفية [دعم موظفيهم]”.

عندما تعمل تحت رئاسة مدير لا يعترف بالتزاماتك العائلية، يجب أن تتبع استراتيجية متعددة الأوجه، على حد قول إيلا واشنطن، الأستاذة في “كلية ماكدونو للأعمال بجامعة جورج تاون” (Georgetown University’s McDonough School of Business) والمستشارة والمدربة في شركة “إيلافيت سولوشنز” (Ellavate Solutions). يجب أن تعرف كيفية التفاوض مع مديرك للخروج من الموقف بنتيجة إيجابية، مع التعاون أيضاً مع زملائك وأفراد عائلتك لوضع جدول مواعيد و”وضع حدود” تناسب الجميع. وتردف أن الهدف هو “محاولة إقناع مديرك بالتوصل إلى حل وسط”. إليك بعض الأفكار:

اعرف حقوقك

تقول طمسون: بادئ ذي بدء، “اعرف حقوقك” وكن على دراية بما يحق لك الحصول عليه من إجازات مدفوعة الأجر وخيارات الرعاية. قم ببعض البحث للتعرف على سياسات شركتك وما إذا كانت تقدم ترتيبات عمل بديلة، فقد تزايد عدد المؤسسات التي تضع خطط عمل مرنة للموظفين قبل تفشي الجائحة بوقت طويل، ولدى العديد من الولايات الأميركية سياسات عمل مرنة لموظفيها الحكوميين.

وإذا كنت في الولايات المتحدة الأميركية، اعرف أيضاً ما إذا كان “قانون الاستجابة لفيروس كورونا العائلي الأول” الفيدرالي ينطبق عليك. يُلزِم هذا القانون بعض أصحاب العمل بإعطاء إجازة مدفوعة الأجر للعاملين الذين يتعين عليهم رعاية شخص خاضع للحجر الصحي أو طفل تعرضت دار رعايته النهارية أو مدرسته للإغلاق. وتوصي واشنطن بضرورة التحدث إلى مسؤول الموارد البشرية في شركتك، حال وجوده، لمعرفة الخيارات والترتيبات المتاحة. تقول طمسون: “المعرفة قوة”.

تحدث عن وضعك الشخصي بكل صراحة ووضوح

قم بإجراء محادثة ثنائية مع مديرك بعد ذلك، وعليك أن تراعي فيها “الصدق والشفافية بشأن القيود المفروضة عليك” على حد قول طمسون. أوضح التزامك تجاه الشركة وفريق العمل الذي تنتمي إليه، ولكن اشرح أيضاً المسؤوليات الإضافية الملقاة على عاتقك خارج نطاق العمل. فقد يرفض مديرك التعاطف معك على كل حال، ليس لأنه يريد أن يغيظك، كل ما هنالك أنه ليس على دراية بظروفك. فإذا لم يكن لدى مديرك أطفال، مثلاً، فقد يكون على دراية بالمهام “السطحية أو البديهية” المتعلقة بالتعليم عن بعد خلال الجائحة، ولكنه يغفل اضطلاع الآباء والأمهات بتقديم الدعم التقني أيضاً لأطفالهم، وأنهم يقومون بدور معلم الرياضيات والإملاء، إضافة إلى طهي الطعام، على حد قول طمسون. قد لا تكون محادثة سهلة، لكن لا تستسلم للخوف وتتحاشَ الحديث في الموضوع، وهنا تحذر طمسون من أن “الصمت هو ما يصيب المدراء بالتوتر”. تذكر أيضاً أنك لا تقيم حفلة شفقة، كما تقول واشنطن لأن “هذه المسألة لا علاقة لها باختلاق الأعذار” وأنك تذكر حقائق لا تقبل التأويل، وبالتالي يجب أن تعكس نبرة صوتك الثقة والالتزام.

أظهر التعاطف

استحضر الشعور بالرفق بعد مصارحة مديرك، إذ ليس من السهل أن يكون المرء مديراً، خاصة في هذه المرحلة. فقد بات الكثير من المدراء يرزحون تحت وطأة ضغوط صعبة، وهو ما وصفته واشنطن بقولها: “كثيراً ما تجدهم متوترين وقلقين ويعانون من أجل إنجاز المزيد بأقل الموارد”. فانظر إلى الموقف من وجهة نظرهم.

تضيف طمسون أن تعاطفك يجب أن يكون “حقيقياً واستراتيجياً”. اسأل مديرك عن مواضع شكواه، واعرف أين تكمن مخاوفه. كن صادقاً، وأظهر أنك تهتم به كإنسان، وهذِّب أسلوبك. تنصح طمسون بأن تسأله عن “أهدافه والمستهدفات التي يتعين عليه تحقيقها”. وتردف: “ستحصل على معلومات مهمة حول ما يقلقه” وهو ما سيساعدك بدوره على تكثيف تركيزك على العمل الذي تعطيه الأولوية.

ضع خطة – أو خطتين أو ثلاثاً

تقول طمسون: بمجرد أن “تفهم ما يشغل بال مديرك”، يمكنك صياغة خططك لإنجاز عملك بطريقة تساعده على تحقيق أهدافه وغاياته. ركز على النتائج. إذا كنت ممن يتحملون مسؤولية رعاية الغير، فغالباً ما سيكون جدول مواعيدك حافلاً بالأحداث غير المتوقعة وغير منضبط، لذا من المهم وضع خطة أساسية بالإضافة إلى العديد من خطط الطوارئ. تعامل مع “مخاوف مديرك بشأن عجزك عن النهوض بمسؤولياتك” وذلك من خلال إظهار أنك في سبيلك إلى “اتخاذ الترتيبات اللازمة لإنجاز عملك”. يجب أن يقول مديرك لنفسه بعد انتهاء محادثته معك: “لقد فهم هذه النقطة”.

تضيف واشنطن: “لا تخجل من تذكير مديرك بسجلك الحافل بالإنجازات وتحقيق المطلوب منك، فأداؤك الماضي هو أقوى مؤشر على أدائك في المستقبل”. ونأمل أن يعي مديرك أن “المهم هو إنجاز العمل وليس كيفية إنجازه”.

كثّف التواصل

تقول واشنطن: احرص دائماً على إطلاع مديرك على آخر المستجدات. إذا لم تكن في مقر العمل، فيستحسن أن تفكر في “وضع نظام لمراجعة أدائك بصورة يومية” أو إرسال رسالة بالبريد الإلكتروني كل بضعة أيام على أقل تقدير تقدم فيها تقريراً بآخر المستجدات. تردف واشنطن: “لا تنس أن هدفك هو طمأنة مديرك على قدرتك على إنجاز العمل”.

بيد أن هذا النوع من التواصل لا يحتاج إلى مزيد من الوقت للمقابلات المباشرة. يمكنك كتابة رسالة بالبريد الإلكتروني وترسلها إلى فريقك توضح فيها “أهدافك خلال الأسبوع الحالي وتسلط فيها الضوء على ما تعمل على إنجازه”، بدلاً من إجراء مكالمة جماعية للتعرف على آخر التطورات. أو شجّع زملاءك على “التعاون عبر برنامج سلاك” بدلاً من عقد اجتماع للفريق عبر برنامج “زووم”، ما سيسمح لك “بإرسال الرسائل حتى في أثناء جلوس أطفالك بجوارك”.

وضِّح الحدود

إذا كان مديرك من النوع الذي يحب أن يرى الموظف أمامه طوال الوقت، فقد يكون من الصعب أن تضع حدوداً لا تسمح لأحد بتجاوزها، ولكن لا يزال من المهم أن تقوم بذلك. تقول واشنطن: نحن جميعاً بحاجة إلى وقت في يومنا غير مسموح فيه بالعمل. “فإذا كنت تتناول العشاء وتصحب الأطفال إلى غرفة النوم في الساعة 6 مساء”، فليكن. “ضع هذه الحدود وأبلغ مديرك أنك لن تكون متاحاً في ذلك الوقت”.

ولكن إذا أصر مديرك على عدم احترام الوقت المخصص لعائلتك، عندها يتعين عليك الحديث معه في هذا الشأن. ضع إطاراً عاماً للنقاش واربطه بشخصك – أسلوبك المفضل لترتيب يوم العمل الخاص بك وكيف ومتى تحقق أفضل أداء. أوضح له أنك بحاجة إلى الانقطاع عن العمل لساعات محددة لشحن طاقتك والاعتناء بالتزاماتك العائلية، وأنك إذا لم تحصل على هذا الوقت، فلن تتمكن من تكريس كل طاقتك لإنجاز العمل المطلوب منك على الوجه الأكمل.

وسّع نطاق شبكة علاقاتك

إذا أصر رئيسك المباشر على التعنت في التعامل مع التزاماتك العائلية، فتنصح طمسون ببذل كل جهد ممكن للعثور على حلفاء داخل مؤسستك. قد تشمل قائمة هؤلاء الحلفاء كلاً من الأقران والزملاء في مختلف الأقسام والمدراء من خارج القسم الذي تعمل به. وهنا تنصح طمسون بأن “تبني علاقات قوية مع الأشخاص الذين ينظرون إلى حياتك ككل. وهكذا، إذا أخذت الأمور منحى سيئاً [مع مديرك] فستجد خيارات أخرى متاحة أمامك”.

تلفت واشنطن الانتباه إلى أن الحلفاء يقدمون الدعم المعنوي بالإضافة إلى توسيع شبكة علاقاتك المهنية. تحدث إلى زملائك واكتشف كيف يوازنون بين وظائفهم ومسؤوليات تقديم الرعاية للغير. وهنا تنصح واشنطن قائلة: “اكتشف كيف ينجز الآخرون هذا العمل”.

اعتن بنفسك

قد يكون العمل تحت رئاسة شخص لا يحترم حياتك الشخصية مرهقاً، لذا احرص على استقطاع وقت معلوم لنفسك. تقول طمسون: صمم على منح نفسك “استراحة ذهنية قسرية”. خصص وقتاً للقراءة أو الطهي أو لعب الكرة أو الجري أو التأمل أو أي نشاط آخر تستمتع به أو يساعدك على الاسترخاء. وهو ما أعربت عنه اختصاراً بقولها: “ضع السعادة ضمن جدول مواعيدك”.

وحتى إذا لم تكن من محبي ممارسة التمارين الرياضية في العادة، فإن طمسون تنصح بتخصيص وقت لممارستها يومياً، خاصة خلال هذه الفترة الصعبة، حيث تقول: “لا تقلل من أهمية ممارسة النشاط البدني لمدة 20-30 دقيقة يومياً”. إذا أبدى مديرك تعنته وشعرت بأنك لا تملك من أمرك شيئاً، فيجب أن يكون ضخ هرمونات السعادة على رأس أولوياتك.

تريث حتى تحين الفرصة المناسبة.

قد لا يتحسن الوضع حتى مع بذل قصارى جهدك. توصي طمسون في هذه الحالة بأن تؤدي واجباتك الوظيفية على أفضل ما يكون في ظل هذه الظروف، حيث تقول: “احرص على أداء المطلوب منك وكن على مستوى التوقعات، ولا تعطِ مديرك أي فرصة” ضدك. أما واشنطن فتقول إن رئيسك قد لا يبدي أي تعاطف مع وضعك الشخصي. وتقدم النصيحة التالية: “إذا لم تحصل على الدعم ولم تراع المؤسسة احتياجاتك، فقد لا تكون بيئة العمل هذه مناسبة لتطوير حياتك المهنية”. وربما حان الوقت لمغادرتها.

مبادئ عليك تذكرها

افعل ما يلي:

  • أظهر التعاطف مع مديرك. افهم أهدافه ووائم بينها وبين أولوياتك في العمل.
  • كن سباقاً وابتكر خططاً متعددة لكيفية ممارسة مهمات عملك يوماً بعد يوم بالإضافة إلى العديد من خطط الطوارئ إذا تغيّر الموقف.
  • كوِّن علاقات مع أشخاص يعملون في مؤسستك ويفهمون ظروفك الشخصية ويمكنهم تقديم خيارات في حال توتر الأمور مع مديرك.

لا تفعل أياً مما يلي:

  • لا تتحاش الحديث مع مديرك عن التزاماتك الخارجية. كن صريحاً وصادقاً بشأن التزاماتك العائلية.
  • لا تكن عنيداً. كن مبدعاً في أسلوب وتوقيت إنجاز عملك.
  • لا تهمل صحتك العقلية والجسدية في حال العمل مع مدير غير متعاطف، وخصص وقتاً للهوايات والأنشطة الأخرى.

نصائح من واقع الممارسات العملية

دراسة حالة رقم 1: تحدث إلى مسؤولي قسم الموارد البشرية حول حقوقك، وكن على استعداد للمغادرة إذا لم تتحسن العلاقة.

تقول جينيفر والدن، مديرة العمليات في شركة “ويكيلون” (WikiLawn) الإلكترونية لمحترفي تنسيق الحدائق، إنها لم تكن محظوظة على الدوام على الرغم من أن صاحب عملها الحالي ومديرها يتسمان بالمرونة والاستجابة لالتزاماتها العائلية.

فعندما كانت تعمل قبل بضع سنوات في قطاع صناعة الألعاب، كان رئيسها -وسندعوه جيري- غير متعاطف مع مسؤوليات جينيفر كأم يعاني أحد أطفالها بعض المتاعب الصحية. تقول جينيفر في أسى: “كان الأمر صعباً حقاً. ما زلت أتذكر إحساسي بالذنب لأنني شعرت بأنني مقصرة في عملي عندما كانت ابنتي تعاني بعض المضاعفات. كنت أشعر بالقلق عليها باستمرار”.

كانت جينيفر منذ اللحظة التي شغلت فيها الوظيفة منفتحة وتتحدث بشفافية عن مسؤولياتها في المنزل، حيث تقول: “أتذكر أنني سألت رئيسي في وقت مبكر عما إذا كانت هناك فرصة للعمل من المنزل خلال الأيام التي تسوء فيها صحة ابنتي”.

لكن جيري رفض رفضاً قاطعاً. تقول جينيفر مشتكية: “كان يغلق الباب أمام أي نقاش حول العمل عن بُعد وتخصيص جدول مواعيد مرن”.

كان متعجرفاً ويريد ردوداً فورية على مكالماته ورسائل البريد الإلكتروني، حتى في عطلات نهاية الأسبوع. في هذه الأثناء لم تتقاعس جينيفر وأبدت اجتهادها في العمل. بعد مرور شهرين، فاتحت جيري من جديد في مسألتها على أمل أن يعيد النظر فيها. تحدثت عن تفانيها في الشركة وأشارت إلى ضميرها الحي وسجلها السابق الذي يشهد على الوفاء بالمواعيد النهائية.

تقول جينيفر: “حاولت التخفيف من مخاوفه من خلال المبادرة بشرح أساليبي في تعويض أي عمل يفوتني وتغير جدول مواعيدي وتسجيل بدء مزاولتي للعمل بانتظام من المنزل”.

لكنه لم يتزحزح عن موقفه قيد أنملة.

فراحت تتواصل مع زملائها في فريقها للحصول على الدعم والتشجيع، وعلمت أن الكثير منهم لديه إحباطات مماثلة.

قرروا التضامن معاً والتحدث إلى مسؤولي الموارد البشرية. تقول جينيفر عن هذه الخطوة: “لقد ساعدنا مسؤولو الموارد البشرية إلى حد ما. وناضلت من أجل حقي في العمل من المنزل في الأيام التي تسوء فيها صحة ابنتي، وسمحت مؤسستنا بذلك، على الرغم من أن مديري لم يوافق على هذا الطلب من قبل”.

لكن ضغط العمل مع مدير يتعنت في التعامل مع متطلبات حياتها الشخصية لم يكن يستحق العناء في النهاية، فما كان من جينيفر إلا أن استقالت من وظيفتها. بيد أن تجربتها في “ويكيلون” مختلفة تماماً، وهو ما أعربت عنه بقولها: “لدينا هنا عدد غير محدود من الإجازات المدفوعة، كما أن مديري يسألني كثيراً عن أحوال ابنتي وما إذا كنت بحاجة إلى مزيد من الوقت لإنجاز المشاريع عندما تسوء صحتها”.

دراسة حالة رقم 2: أظهر التزامك تجاه الشركة وكن على مستوى التوقعات.

يقول ويلي غرير، مؤسس شركة “ذا برودكت أنالست” (The Product Analyst) التي يقع مقرها في مدينة ممفيس بولاية تينيسي في الولايات المتحدة وتقدم مراجعات الأداء في مجالي التكنولوجيا والمنتجات، إنه يعرف جيداً كيف يبدو تعنت مديره في التعامل مع التزاماته العائلية.

عمل ويلي قبل بضع سنوات مديراً للموارد البشرية في قطاع التسويق الرقمي. كان لديه في ذلك الحين أطفال صغار في المنزل، إضافة إلى عمل زوجته بدوام كامل.

في بداية عمله بالشركة، كانت لديه علاقة عمل جيدة مع مديرته، وسندعوها شيلا. كان ويلي من أفضل الموظفين أداء، وقد وثقت به شيلا حتى كلفته بمهمات أكثر تحدياً وأرفع قدراً.

ولكن بعد أن تغير وضع ويلي في رعاية الأطفال، باتت علاقتهما متوترة. سأل ويلي عما إذا كان بإمكانه مغادرة العمل مبكراً يومين في الأسبوع من أجل اصطحاب أطفاله من المدرسة، إلا أن شيلا قابلت طلبه هذا بالرفض، وهو ما علّق عليه قائلاً: “أخبرتها أنني سأؤدي العمل المطلوب مني ليلاً، لكنها قالت إنني يجب أن أعمل في مقر الشركة”.

عرف ويلي أنه يحتاج إلى اتخاذ إجراء من نوع ما. أولاً: أبدى تعاطفه مع شيلا، وسألها عن أولوياتها واهتماماتها. أخبرته أنها تعرضت لضغوط كبيرة من الإدارة وأنها كانت مصابة بالتوتر الشديد بسبب ترقبها الكثير من المشاريع التي تلوح في الأفق.

ثانياً: أظهر ويلي التزامه تجاه الشركة ووظيفته، وأخبر شيلا أنه سيركز على هذه المشاريع، وهو ما قال عنه: “أردتها أن تعرف أن العمل في أيد أمينة”.

أخيراً: أبدى انفتاحه وصدقه بشأن مسؤولياته العائلية. “أخبرتها أن أطفالي لا يزالون صغاراً، وأنني بحاجة إلى القليل من الرفق والمرونة”.

لم تتحمس شيلا لطلبه، لكنها وافقت على المحاولة. وجه ويلي تركيزه على المشاريع وحرص على الالتزام بكل المواعيد النهائية، وواظب على إرسال التقرير إلى شيلا لموافاتها بآخر المستجدات وإطلاعها على سير العمل بغرض تهدئة مخاوفها. وكان يغادر العمل مبكراً بساعة لاصطحاب أطفاله يومين في الأسبوع.

تحسن الوضع، لكن ويلي شعر بالتعاسة، حيث يقول متحسراً: “أردت أن أعمل لدى مديرة تقدر موظفيها وتدرك أن الحياة لا تقتصر على العمل فحسب”.

حصل على وظيفة جديدة بسرعة نسبية، ولم يلبث أن أسس شركته بعدها بفترة وجيزة. “أنشأت بيئة عمل تتيح الفرصة أمام الموظفين للتعبير عن مواهبهم وإخراج أفضل ما فيهم”.

إن بيئة العمل التي تساعد الموظفين على تحقيق التوازن بين التزامات العمل والالتزامات العائلية هي البيئة التي تجذب الموظفين المميزين، وتجعل الموظفين الحاليين يستمرون بالعمل ضمن الشركة بجد.

اقرأ أيضاً: كيف تجعل مديرك يوافق على طلبك

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .