الأهداف المالية لا تحفز الموظفين

4 دقائق
الأهداف المالية لا تحفز الموظفين
توماس جاكسون/غيتي إميدجيز

ملخص: من الطبيعي أن يؤكد القادة على أهمية تحقيق الأهداف المالية، ولكن جعل الأرقام المحور الأساسي لحديثك بوصفك قائداً هو خطأ مكلف. إذ إن النتائج المالية هي نتيجة وليست محركاً أساسياً لأداء الموظف، كما أن هناك مجموعة متزايدة من الأدلة تشير إلى أن المبالغة في التشديد على تحقيق الأهداف المالية لا يحفز الموظفين بل يؤدي إلى تثبيط المعنويات وتقويض الاستراتيجية طويلة الأجل. وبدلاً من ذلك يتعين على القادة الذين يتطلعون إلى تحفيز الموظفين استغلال وقت حديثهم مع فرقهم في بناء الإيمان بغاية الشركة والقيمة الجوهرية لعمل الموظفين وتأثيرهم على العملاء وعلى بعضهم بعضاً. للقيام بذلك، توصي المؤلفتان باتباع 3 أساليب: 1) أعد تقييم الكيفية التي تستغل بها وقت حديثك في الاجتماعات، و2) ناقش الأمور المتعلقة بالعملاء مع خلق ارتباط عاطفي بهم، و3) قاوم الرغبة في مشاركة كل مقياس من مقاييس الأداء المالي على نطاق واسع.

 

هل ستكون متحمساً إذا بدأ مديرك أحد الاجتماعات قائلاً: أريد أن أذكركم بأنكم ترس في آلة هدفها الأساسي هو تحقيق أهدافنا المالية؟

من الصعب أن تتخيل أنك ستشعر بالفرح أو بالفخر بعملك إذا حُصرَت مساهمتك في نتائجك المالية. في حين أن هذه الصياغة المحددة قد تكون مبالغاً فيها بعض الشيء، إلا أنها ليست بعيدة عن الرسالة التي يسمعها العديد من الموظفين يومياً.

بينما ننتقل إلى ما نأمل أن تكون فترة نمو، من الطبيعي أن يؤكد القادة على أهمية تحقيق الأهداف المالية. فالأداء المالي أمر بالغ الأهمية بالطبع. ولكن جعل الأرقام المحور الأساسي لحديثك بوصفك قائداً هو خطأ مكلف.

النتائج المالية هي نتيجة وليست محركاً أساسياً لأداء الموظف. وتشير مجموعة متزايدة من الأدلة إلى أن المبالغة في التشديد على تحقيق الأهداف المالية يؤدي إلى تثبيط المعنويات وتقويض الاستراتيجية طويلة الأجل. وعندما يقضي القائد غالبية الوقت المخصص له في الاجتماعات في الحديث عن “تحقيق النتائج المالية”، فإنه يبني علاقة عمل بحتة مع موظفيه، ما يجعلهم أكثر ميلاً إلى بناء علاقات عمل بحتة مع زملائهم في الفريق والعملاء.

كيف تحقق اللغة النوعية نتائج كمية

تذكّرنا أحداث عام 2020 بأن: اندماج الموظفين هو بمثابة شريان الحياة للمؤسسة. فما يفكر فيه أعضاء فريقك بشأن مؤسستك وما يشعرون ويؤمنون به تجاهها، وما يقومون به من عمل أيضاً، هو الذي يتحكم في سلوكهم؛ وسلوكهم هو الذي يؤدي إلى نجاحك أو فشلك.

يتعين على القادة الذين يسعون إلى تحفيز الإبداع وبذل جهود متسارعة أن يذهبوا إلى المنبع؛ ما يعني استغلال وقت حديثهم مع فِرقهم في بناء الإيمان بغاية المؤسسة والقيمة الجوهرية لعمل الموظفين وتأثيرهم على العملاء وعلى بعضهم بعضاً. وفيما يلي 3 طرق للقيام بذلك:

1. استغل وقت حديثك مع فريقك جيداً

عندما تولى مايك جيانوني منصب الرئيس التنفيذي لشركة “بلاكبود” (Blackbaud) التي توفر البرمجيات كخدمة، غيَّر الطريقة التي يجرون بها اجتماعات إطلاع الموظفين على التطورات. كان القادة السابقون يمضون غالبية أوقات الاجتماعات في مشاركة النتائج المالية. لكن جيانوني اتبع نهجاً مختلفاً. فقد بدأ في استغلال وقت حديثه مع فريقه في مناقشة تأثير “بلاكبود” على العملاء، ووجّه قادته لفعل الشيء نفسه. يقول باتريك هودجز رئيس شركة “بلاكبود” ومديرها العام: “تحويل التركيز في أوقات اجتماعاتنا من المقاييس الداخلية إلى تحقيق نتائج أفضل للعملاء جعلنا ننطلق سريعاً إلى المستوى التالي من التعاطف مع العملاء وتحقيق قيمة لهم. وبمرور الوقت، ينخفض معدل تناقص عدد الموظفين. فعندما يشعر الأشخاص بالرضا حيال ما يفعلونه ويصبحون أكثر نجاحاً، حينها لن يبحثوا عن وظيفة أخرى”.

نوصي بأن يهدف القادة إلى تقسيم وقت الاجتماع بالنصف، بحيث يقضون نصف الوقت على الأقل في بناء الإيمان بمعنى العمل وتأثيره الخارجي، وقضاء النصف الآخر في الحديث عن المقاييس الداخلية والمنجزات. ولم يكن من قبيل المصادفة أنه بعد مرور 6 أشهر على تغيير شركة “بلاكبود” لطريقة إجراء الاجتماعات، حققت طفرة في الابتكار وارتفع مستوى اندماج موظفيها بشكل كبير وازدادت إيراداتها بشكل هائل.

2. ناقش الأمور المتعلقة بالعملاء مع خلق ارتباط عاطفي بهم

كلما فهم الموظف تأثيره المباشر بوضوح، زادت احتمالات أن يبذل جهداً إضافياً وأن يحقق قدراً أكبر من الإنجازات.

هناك بحث أجراه عالم النفس التنظيمي آدم غرانت الذي درس الموظفين بأجر في مركز اتصالات بجامعة حكومية تم توظيفهم لجمع تبرعات للجامعة من الخريجين. وفي هذا البحث، قسَّم الفريق إلى مجموعتين. كانت إحدى المجموعات تقضي يومها كالمعتاد بالاتصال بالمتبرعين المحتملين. وكانت المجموعة الأخرى، قبل أن تبدأ في إجراء الاتصالات، تُجري محادثة قصيرة مع طالب بمنحة دراسية؛ وهو شخص تمكن من الحصول على منحة دراسية بفضل التبرعات التي جلبها مركز الاتصالات. بعد شهر، قضى المتصلون الذين تحدثوا مع الحاصلين على المنح الدراسية ما يزيد على ضعف الوقت في إجراء الاتصالات، وجلبوا أموالاً أكثر بكثير: 503,22 دولاراً أسبوعياً في المتوسط بعدما كانت 185,94 دولاراً.

تردد صدى النتائج نفسها في دراسات أجريت على عمال الإنقاذ وعمال المستشفيات وفِرق المبيعات، لأننا عندما نعلم أن عملنا مهم للأفراد، فإننا نرتقي إلى مستوى الحدث. ولكن لا تؤدي مناقشة الأمور المتعلقة بالعملاء في مجملها إلى خلق الارتباط العاطفي المنشود. ولذلك، عندما تتحدث عن العملاء، استخدم أسماءهم الحقيقية وتحدث عن أعمالهم التجارية وأظهر لأعضاء فريقك أن هناك أشخاصاً حقيقيين يعتمدون عليهم، حتى إذا لم يكن فريقك يتعامل معهم بشكل مباشر.

3. قاوم الرغبة في إطلاع الموظفين على التطورات المتعلقة بالأهداف المالية

نلاحظ في ممارستنا الاستشارية باستمرار أن القادة، بحسن نية، يبلغون فِرقهم بكل ما يتعلق بالأداء المالي في إطار جهودهم الرامية إلى “إبقاء الفريق على اطلاع بالتطورات”. وهو أمر طبيعي، لأن معظم المؤسسات تميل إلى التركيز على الأرقام، وبالتالي فهي ما يتم تقديم تقارير بشأنه وإبلاغ المرؤوسين به بشكل روتيني.

ولكن عندما يرسل أحد القادة لفريقه مجموعة من الأوراق المليئة بالأهداف المالية، غالباً ما يُترك الموظفون ليكتشفوا بأنفسهم كيفية ترجمة الأهداف المالية الأوسع نطاقاً إلى سلوكيات يومية. وهو أمر مربك في أحسن الأحوال، ومحبِط في أسوأ الأحوال.

يقول دانيال غولمان الخبير في الذكاء العاطفي: “توجيه انتباه الموظفين يُعد من المهام الرئيسية للقادة. وللقيام بذلك، يجب أن يتعلم القادة توجيه انتباههم”. فبدلاً من تحقيق النتائج المرجوة في كل تقرير مالي بشكل روتيني، فكر في الوجهة التي ترغب في توجيه انتباه فريقك إليها.

يمكنك تحديد ما ترغب، وما لا ترغب، في مشاركته من خلال طرح أسئلة على نفسك من قبيل: ما الذي يحتاج أعضاء فريقي إلى التفكير فيه بشكل يومي لتحقيق هذه الأهداف؟ ما هي الطريقة التي أرغب في أن يتعاملوا بها مع العملاء ومع بعضهم بعضاً؟ وتجاهل الضوضاء القادمة من أماكن أخرى في المؤسسة وركز لغتك على شيئين يخضعان بنسبة 100% لسيطرة فريقك: طريقة التفكير والسلوك.

تشير البحوث إلى ما آمنّا من أعماق قلوبنا أنه صحيح: الأهداف المالية لا تحفز الموظفين ولا يمكنك تحفيز الموظفين باستخدام جداول البيانات. فمع وجود أهداف طموحة في الأفق، من المغري زيادة المقاييس المالية. ولكن تحقيق الأهداف المالية يتطلب موظفين متحمسين ويهتمون بعملهم.

نظراً إلى أننا نواجه مستقبلاً تشوبه حالة من عدم التيقن وعدم الاستقرار، من المهم أن يساعد القادة فِرقهم على أن يظلوا مندمجين في العمل. يمكنك تحسين أداء فريقك (ورفاهه العاطفي) من خلال التأكد من أن وقت حديثك في الاجتماعات ومقاييسك ولغتك توصل رسالة واحدة بسيطة إلى أعضاء الفريق: لعملكم أهمية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .