كيف استطاع الكتالوج الورقي الصمود في عصر التسويق الرقمي؟

5 دقائق
التسويق بالكتالوجات
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخصهل ينبغي لك اتباع استراتيجية قائمة على التسويق بالكتالوجات أم لا؟ إنه سؤال يستحق الكثير من التفكير. نظراً إلى أن التسويق الرقمي يزداد تعقيداً، فقد يكون من المنطقي إرسال كتالوجات مصممة بشكل صحيح إلى العملاء المناسبين. بالنسبة إلى متاجر التجزئة الإلكترونية التي ليس لديها متاجر عادية، يمكن للكتالوجات أن تحاكي بفعالية التجارب الحسية للمتاجر لتعزيز ارتباط العملاء بالمنتجات. أما بالنسبة إلى متاجر التجزئة المتعددة القنوات، فمن خلال فهم تفضيلات العملاء الحاليين في القنوات عن طريق بيانات المعاملات، يمكن لهذه المتاجر إضافة قناة فعالة للتسويق من خلال الكتالوجات إلى استراتيجياتها الخاصة بقنوات التجارة الإلكترونية والمتاجر.

 

تزداد تكاليف الإعلانات الرقمية بسرعة شديدة. فوفقاً لبعض المقاييس، ارتفعت الأسعار في منصات مثل ميتا وجوجل وتيك توك بنسبة 61-184% على أساس سنويفي عام 2021. وفي الوقت نفسه تنهار العائدات؛ فقد زادت التغييرات الأخيرة في سياسات الخصوصية، مثل تلك التي أجرتها آبل، من صعوبة استهداف الإعلانات للمستهلكين الذين تزداد احتمالية أن يتجاهلوا الإعلانات التي يرونها على أي حال. كل هذه التوجهات تجعل الإعلانات الرقمية غير مربحة وعديمة الفعالية على نحو متزايد، ما يجبر الشركات على إعادة النظر في استراتيجياتها المتعلقة بالتسويق والإنفاق.

تنتقل الشركات التي تعيد النظر في استراتيجياتها إلى استخدام أسلوب غير رقمي: الكتالوجات الورقية. ومتاجر التجزئة التقليدية ليست وحدها التي تزيد استثماراتها في الكتالوجات، فقد دخلت الشركات المزعزِعة مثل أمازون وبونوبوس (Bonobos) وواي فير (Wayfair) مجال الكتالوجات أيضاً. ولكن هل هذا يعني أن كل تاجر تجزئة يجب أن يفكر في اتباع استراتيجية قائمة على البريد المباشر؟ وإن كان الجواب بالنفي، فمتى يحقق البريد المباشر أفضل النتائج؟

للبحث عن إجابة عن هذه الأسئلة، أجرينا سلسلة من التجارب الميدانية بالتعاون مع اثنين من كبار متاجر التجزئة: متجر تجزئة إلكتروني لبيع الساعات الفاخرة وسلسلة متاجر تجزئة متعددة الأقسام والقنوات تبيع مجموعة متنوعة من المنتجات. وقد وسعت النتائج نطاق استنتاجاتنا السابقة حول الجدوى العامة للكتالوجات وقدمت مجموعة من الإرشادات المحددة التي يمكن أن تساعد متاجر التجزئة على الاستفادة من بيانات العملاء الحالية لتصميم استراتيجية فعالة ومحددة الأهداف للتسويق بالكتالوجات.

أخَذَنا بحثنا في 3 اتجاهات.

أولاً، أردنا استكشاف ما إذا كانت جميع فئات المنتجات مناسبة للكتالوجات؛ إذا كان الوضوح والروابط العاطفية من الأمور الأساسية، كما أظهر بحثنا السابق، فإن النظريات تقترح أن المنتجات الترفيهية الممتعة والمنتجات التجريبية ستستفيد من الكتالوجات أكثر من المنتجات النفعية.

ثانياً، تساءلنا عن مدى الاختلاف في التفضيلات وأساليب صناعة القرار بين المستهلكين في مختلف وسائط التسويق. فمثلما يفضل بعضنا الثراء الحسي الذي تتمتع به المتاجر التقليدية بينما يفضل البعض الآخر التسهيلات التي توفرها التجارة الإلكترونية، أشارت بحوث سابقة إلى أن المستهلكين يختلفون أيضاً في “حاجتهم إلى لمس المنتج. فهل هناك علامات تجارية أو منتجات معينة تلبي احتياجات هؤلاء المستهلكين؟

أخيراً، بينما يمكن أن تثير الصور المذهلة مشاعر قوية، يمكن أن توفر النصوص معلومات قيمة. لذا تساءلنا: ما هو التوازن الأمثل بين الصور والنصوص؟

يمكن أن تساعد النتائج التي توصلنا إليها تجار التجزئة الذين يتبعون استراتيجية قائمة على استخدام الكتالوجات أو يفكرون في اتباعها، أو قد تساعد تجار التجزئة الذين لا يستخدمون الكتالوجات على النظر في مزاياها وعيوبها.

مَن هم المستهلكون الذين يستفيدون من الكتالوجات؟

نظراً إلى أن جولتنا الأولى من البحوث أُجريت قبل الجائحة، فقد تمكنا من المقارنة بين استجابات الأشخاص للتسويق بالكتالوجات بين عامي 2019 و2021، واستكشاف تأثير الجائحة وأنماط الحياة المتغيرة في استجابات المستهلكين.

في المجموعة الأولى من التجارب الميدانية التي أجريناها مع متجر التجزئة الإلكتروني، أرسلنا مجموعة كتالوجات جديدة في نهاية عام 2020 إلى 8,600 عميل في الولايات المتحدة. وخلال فترة تجريبية مدتها 6 أشهر، أدى هؤلاء الذين تلقوا كتالوجات بالإضافة إلى رسائل بريد إلكتروني إلى زيادة بنسبة 24% في عمليات الشراء مقارنة بمن استلموا رسائل بريد إلكتروني فقط، ما يشير إلى زيادة العائد على الاستثمار بنسبة 870%. إذ يمثل هذا العائد على الاستثمار زيادة بنسبة 45% عن العائد المذهل على الاستثمار الذي تم تحقيقه في عام 2019 وبلغ 600%. وفي المقابلات اللاحقة التي أجريت مع العملاء أخبرونا أنهم كان لديهم المزيد من الوقت خلال الجائحة لقراءة الكتالوجات بإمعان وأنهم رحبوا بهذا الأمر الذي ألهاهم عن الجلوس أمام الشاشات.

يقودنا هذا الاستنتاج إلى الاعتقاد أن جمهور الكتالوجات يتزايد، حتى مع انحسار الجائحة. وثقافة العمل عن بُعد/العمل الهجين الناشئة وزيادة الوقت الذي يقضيه المستهلكون أمام الشاشات ستجعل التجارب غير الرقمية، مثل الكتالوجات، جذابة وفعالة على نحو متزايد. ولكن هل يجب إرسال الكتالوجات إلى الجميع؟

في المجموعة الثانية من الدراسات تعاونا مع سلسلة متاجر تجزئة متعددة الأقسام والقنوات تبيع فئات مختلفة من المنتجات (الترفيهية والنفعية) عبر متاجرها العادية وموقعها الإلكتروني (وتحقق إيرادات سنوية تتجاوز مليار دولار). وأجرينا سلسلة من التجارب الميدانية لتقييم العملاء المستهدفين من حملات الكتالوجات وعوامل تصميمها.

أتاحت لنا قاعدة بيانات متجر التجزئة المتعدد القنوات تقسيم جميع العملاء إلى مجموعتين: أولئك الذين أجروا أكثر من 50% من عمليات شرائهم السابقة في المتاجر العادية مقابل أولئك الذين أجروا أكثر من 50% من عمليات شرائهم السابقة عبر الإنترنت.

أرسلنا كتالوجات متطابقة لكلا المجموعتين، ووجدنا أن العائد على الاستثمار من التسويق بالكتالوجات للعملاء الذين أجروا عمليات الشراء في المتاجر العادية أعلى بنسبة 60% من العملاء الذين أجروا عمليات الشراء عبر الإنترنت. وهذه النتائج منطقية؛ فعملاء المتاجر يفضلون التجارب اللمسية والحسية بشكل أكبر، وتُعد الكتالوجات امتداداً لهذه التجارب.

الصورة يمكن أن تقول ألف كلمة ولكن فقط إن اقترنت بنص.

مع متجر التجزئة نفسه جربنا تصميمين للكتالوجات: تصميم يحتوي على صور بها القليل من النصوص بخلاف اسم المنتج، وتصميم يحتوي على صور توضح سمات المنتج الرئيسية وسرد تكميلي موجز يصف مناسبة الاستخدام (على سبيل المثال: “مثالي لإجازة صيفية في البحر المتوسط”).

تُظهر النتائج أنه في حين أن كلا التصميمين كانا فعالين مقارنة بعدم استلام كتالوجات، فإن التصميمات التي تحتوي على صور وسرد تكون أكثر فعالية بنسبة 40% في المبيعات وتفاعل العملاء من التصميمات التي تحتوي على صور المنتجات وأسمائها فقط. وقد اتضح من استطلاعات آراء العملاء أنهم يحتفظون بهذه الكتالوجات لمدة 12 يوماً في حالة التصميمات من النوع الأول بدلاً من 6 أيام في حالة التصميمات من النوع الثاني، لأنهم بحاجة إلى قضاء المزيد من الوقت في قراءة المحتوى واستيعابه. نتيجة لذلك يعرفون معلومات أكثر عن المنتج.

في حين أن الصور ذات القيمة الإنتاجية العالية أساسية لنجاح الكتالوجات، فإن النتائج تبين أهمية وضع استراتيجية تصميم تستخدم كلاً من الصور والنصوص لجذب العملاء من خلال إثارة مشاعرهم وتقديم ما يكفي من المعلومات.

الكتالوجات يجب أن تحتوي على منتجات ترفيهية وممتعة وأعلى سعراً.

فئات المنتجات المتنوعة المتاحة في سلسلة متاجر التجزئة المتعددة الأقسام أتاحت لنا معرفة المنتجات الأكثر استجابة للتسويق بالكتالوجات. إذ تظهر النتائج أن الكتالوجات التي تعرض منتجات ترفيهية وممتعة تحقق عائد استثمار تسويقي أعلى بنسبة 120% من المنتجات النفعية، ما يتفق مع النظريات النفسية. وقد حققت المنتجات الأعلى سعراً أيضاً عائد استثمار تسويقي أعلى بنسبة 50% مقارنة بالمنتجات الأقل سعراً.

اكتشاف أن فعالية الكتالوج تعتمد على نوع المنتج يمكن أن يساعد على تفسير السبب في أن العديد من العلامات التجارية التي تقدم منتجات ترفيهية وممتعة ومنتجات تجريبية، مثل برتشبوكس (Birchbox) وليغو (Lego)، تطبق استراتيجيات التسويق بالكتالوجات، بينما توقف العديد من العلامات التجارية التي تقدم منتجات نفعية تقليدية مثل إيكيا (Ikea) عن استخدامها.

هل الكتالوجات مناسبة لك؟

هل ينبغي لك اتباع استراتيجية قائمة على التسويق بالكتالوجات أم لا؟ إنه سؤال يستحق الكثير من التفكير. لا ننصح بالتوجه مباشرة نحو استخدام الكتالوجات لمجرد أن التسويق الرقمي أصبح أكثر تعقيداً. لكن إرسال كتالوجات مصممة بشكل صحيح إلى العملاء المناسبين لتحقيق أقصى قدر من الفعالية والحد من الإهدار فيما يتعلق بالدولارات التي تُنفَق على التسويق والتأثير البيئي يبدو منطقياً للغاية.

بالنسبة إلى متاجر التجزئة الإلكترونية التي ليس لديها متاجر عادية، يمكن للكتالوجات أن تحاكي بفعالية التجارب الحسية للمتاجر لتعزيز ارتباط العملاء بالمنتجات. أما بالنسبة إلى متاجر التجزئة المتعددة القنوات، فمن خلال فهم تفضيلات العملاء الحاليين في القنوات عن طريق بيانات المعاملات، يمكن لهذه المتاجر إضافة قناة فعالة للتسويق من خلال الكتالوجات إلى استراتيجياتها الخاصة بقنوات التجارة الإلكترونية والمتاجر.

نظراً إلى أن تجار التجزئة والعلامات التجارية يتنافسون على أشياء تتجاوز سمات الأداء لكسب قلوب المستهلكين وعقولهم، يجب أن يفكروا بعناية في جوانب التصميم الجمالية لبرامجهم التسويقية. يمكن للكتالوجات الورقية العالية الجودة التي تحتوي على صور مذهلة إلى جانب سرد مقنِع أن تثير الحواس بشكل يصعب على الشاشات الرقمية محاكاته. ويمكن أن تؤدي هذه التجارب الحسية بعد ذلك إلى تكوين انطباعات تدوم طويلاً وبناء علاقات أقوى مع العملاء وتحقيق ميزة تنافسية للشركة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .