كيف يمكن لشركات الإعلان إيقاظ غفوة المستهلكين في عام 2021؟

4 دقائق
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: تضمن العديد من الإعلانات خلال جائحة “كوفيد-19” رسائل غير مقنعة مضمونها أن “علامتنا التجارية تهتم بكم”. لكن يجب على خبراء التسويق أن يسلطوا الضوء على رسائل تشجع المستهلكين على مواصلة الحياة بدأب بدلاً من تكرار تلك العبارات المبتذلة أو التأكيد على حالة الغموض في ظل الأوقات التي نعيشها، فعليهم إيقاظ غفوة المستهلكين. إذ تشجع رسائل مثل تلك المتضمنة في الإعلانين الأخيرين لشركتي “نايكي” و”ديزني” المستهلكين بالفعل على التطلع إلى المستقبل، وتحديداً الوقت الذي يمكنهم فيه استئناف أنماط الاستهلاك العادية.

بينما تمر الولايات المتحدة بمرحلة إعادة حسابات والتصدي للانقسامات الداخلية، تواجه الشركات صعوبة في توضيح مواقفها من كل ما يجري. ويبذل خبراء التسويق والإعلان بالفعل قصارى جهدهم في محاولة إيضاح الحقائق في أثناء عملهم على إعداد إعلانات ملائمة ومناسبة.

لكن لسوء الحظ، يميل الكثيرون منهم إلى مواصلة عرض نفس الأفكار المبتذلة القديمة. في الواقع، تخشى العلامات التجارية نشر أي شيء مثير للجدل، وهو ما يدفعها إلى قول العبارات نفسها مراراً وتكراراً في تناغم تام، تماماً كما فعلت عندما انتشرت الجائحة. وكما أشار أحد مقاطع الفيديو الشهيرة على منصة “يوتيوب”، إلى أن “كل الإعلانات التجارية حول كوفيد-19 متماثلة تماماً”، أي أنها مليئة بالموسيقى الكئيبة، وشرحٍ “لأوقات يسودها الغموض”، ووعد بتقديم “المساندة والدعم”؛ لكن كل تلك الإعلانات بعيدة كل البعد عن أهداف العلامات التجارية الرئيسة، وهو ما يجعلها تفشل في كسب المستهلكين، أي أنها تدخل من أذن وتخرج من الأخرى.

وإذا استمر ذلك التوجه، فقد تركز الإعلانات المقبلة من الشركات على موضوعات الوحدة والتداوي والنجاة، وذلك من خلال الإعلانات ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي ومقاطع الفيديو عبر الإنترنت وغيرها الكثير. ولا ضير في تلك الميول في حد ذاتها في الواقع، لكن من غير المرجح أن تحفز رسائل الإعلانات تلك عمليات الشراء.

يتمثل دور عمليات التسويق في تشجيع المستهلكين على شراء شيء ما أو دعمه، سواء كان منتجاً أو خدمة أو حملة أو مرشحاً. فالإعلانات التي تُظهر أهمية النجاة، لا تقدم شيئاً ملموساً للشراء، تماماً كالإعلانات التي توضح فيها العلامات التجارية أنها ستهتم بالمستهلكين في أثناء الجائحة.

في المقابل، يوجد رسالة قوية وبنّاءة يمكن للشركات أن ترسلها في ظل هذه الأوقات. فوفقاً لبحث أجرته شركتي، ينطوي الموضوع الذي نرغب من خبراء التسويق التركيز عليه اليوم على “مواصلة الحياة”. قد يساعد التركيز على تلك المواضيع العلامات التجارية في كسب المشترين وفي إعادة تشغيل الاقتصاد، وذلك عن طريق حث الأشخاص الذين يملكون الأموال على مواصلة إنفاقها مرة أخرى، شرط أن يجري الإعلان بشكل صحيح.

تشجيع السلوك الشرائي من خلال العقل الباطن

شهدت ثقة المستهلك انخفاضاً في عام 2020 نتيجة الجائحة، وانخفضت مرة أخرى في شهر نوفمبر/تشرين الثاني. ويمثل الاستهلاك الشخصي ما يقدّر بـ 70% من الناتج المحلي الإجمالي في الواقع. وسيبقى الاقتصاد في حالة ركود إلى حين ترتفع ثقة المستهلك، وبالتالي إنفاق المستهلكين.

يفترض الكثيرون أن بدء عمليات التطعيم سيفي بالغرض، وهو ما قد يمنح الناس شعوراً بالأمان والراحة لاستئناف الأنشطة وعمليات الإنفاق، وتخفيف القيود على عمليات الشراء. لكن لا يجري اتخاذ قرارات الإنفاق بعقلانية في الواقع، بل هي نتاج عمليات اللاوعي المعقدة.

وبحسب ما توصلت إليه بحوث كلية هارفارد للأعمال والاكتشافات الحائزة على جائزة نوبل، تُتخذ جميع قرارات الشراء تقريباً على مستوى اللاوعي. وبالتالي، تنطوي الأسئلة المهمة التي يجب طرحها على ما يلي: ما الذي يحفز غرائز المستهلكين على الإنفاق، وإجراء عمليات الشراء التي أجّلوها، واستئناف أنماط سلوك الزبائن العادية؟ وما هو دور الإعلان في إثارة تلك الغرائز؟

استكشفت على مدى 25 عاماً من العمل والبحث حقيقة السبل التي يسلكها المستهلكون عند اتخاذ قرارات الشراء. وكما كتبت وأستاذ علم الأعصاب في “كلية وارتن للأعمال” مايكل بلات، توجد داخل أذهان المستهلكين شبكات من الذكريات والارتباطات بعلامات تجارية معينة، سواء كانت إيجابية أو سلبية. وأطلقتُ على كل شبكة من تلك الشبكات اسم “شبكة العلامة التجارية العصبية“.

تُوجه تلك الشبكات المخفية المستهلكين إلى العلامات التجارية التي يشترون منها في أغلب الأحيان، لكن دون وعي منهم. وتتغيّر تلك الشبكات العصبية بمرور الوقت، وهي مرنة وديناميكية بشكل ملحوظ، بمعنى أنه يمكن لخبراء التسويق التأثير على تلك الشبكات من خلال بناء روابط إيجابية، والتغلب على أي روابط سلبية.

ولا تقتصر روابط تلك الشبكات العصبية على العلامات التجارية فقط، بل ترتبط أيضاً بالقضايا وبالمرشحين السياسيين وبالفعاليات، ويرتبط البعض منها بجائحة “كوفيد-19” حتى، وتؤثر بشكل كبير على ثقة المستهلك في الوقت الحالي.

شبكة “كوفيد-19” العصبية

درسنا ارتباطات العقل الباطن بالجائحة لدى المستهلكين باستخدام خوارزمية طورناها بأنفسنا. ووجدنا أن شبكة “كوفيد-19” العصبية تنطوي على قوّتين متعارضتين، كجذع الشجرة الذي ينقسم إلى فرعين قويين، وهما النجاة ومواصلة الحياة. وقد حفّزت الجائحة بالفعل ارتباطات قوية بكلتا القوتين اللتين تتصارعان من أجل الهيمنة. والرغبة في النجاة هي القوة المهيمنة في الوقت الحالي.

من طبع البشر التكيف والتأقلم، لكن عندما تحدث زعزعات مخيفة، نهرع إلى التمسك بما لدينا، ونسعى إلى تحقيق التوازن. وطورنا بالفعل شبكة من الارتباطات المتعلقة بالنجاة نتيجة طول أمد الجائحة وغريزة البقاء القوية لدينا. وشملت تلك الارتباطات كل شيء، من الأنشطة العائلية والترابط الأسري وحتى الطبخ وأعمال البستنة. وتعززت الذكريات المرتبطة بالنجاة عبر طقوس وعادات جديدة، وأصبحت راسخة أكثر، كإحصائيات “كوفيد-19″، التي شلّت الدم في عروقنا وجمدت حياتنا.

لكن البشر يرغبون أيضاً في مواصلة حياتهم على الرغم من العقبات. نريد استئناف الأنشطة التي نحبها، وإحراز تقدم في أعمالنا، وتحقيق أهدافنا؛ ولا نريد أن تمنعنا الجائحة من مواصلة حياتنا. ويُعتبر الإنفاق جزءاً من تلك الرغبة أيضاً.

وعندما يتعزز جانب مواصلة الحياة في شبكة “كوفيد-19” العصبية أكثر من جانب النجاة، سيواصل الأفراد الإنفاق مرة أخرى، وستواصل الأموال تدفقها عبر الاقتصاد لتُعيد نبض شريان الحياة.

وتؤدي الإعلانات التي تحمل الرسائل والصور والاستعارات أو الإشارات الملائمة دوراً مهماً في تحقيق ذلك. يجب أن تؤكد الإعلانات أولاً على حاجة المستهلكين إلى النجاة، وأن تعكس فهماً لرغباتهم الطبيعية في الشعور بالأمان. لكن يجب أن تحفز من جهة أخرى جانب مواصلة الحياة لديهم.

وقد نجح إعلانان من العام الماضي في الدمج بين الجانبين على أكمل وجه. أحدهما هو إعلان شركة “نايكي”، بعنوان “لم يفت الأوان بعد” (Never Too Far Down) (وهو جزء من حملتها “لا يمكنكم إيقافنا” You Can’t Stop Us) الذي يستخدم العزم والإصرار في الرياضة كاستعارة، ويسلط الضوء على الرياضيين المشهورين الذين رفضوا الخسارة وأصروا على الفوز. والإعلان الآخر هو ذلك الذي نشرته شركة “ديزني” بعنوان “الغد هو مجرد حلم بعيد”، والذي يُظهر عائلات مختبئة في منازلها، ثم تعتريها سعادة غامرة فجأة عندما يبدأ أفرادها التخطيط لرحلة إلى عالم “ديزني”. فبدلاً من عرض أشخاص موجودين حالياً في مدينة الملاهي، استغل ذلك الإعلان أروع ذكريات المشاهدين وحنينهم إلى الماضي والارتباطات الإيجابية لحث غرائزهم على التطلع إلى المستقبل عبر التخطيط لقضاء عطلاتهم الصيفية.

قد تساعد الإعلانات في توسيع جانب مواصلة الحياة في شبكة “كوفيد-19” العصبية من خلال بناء روابط إيجابية حول ممارساتنا الاجتماعية والاستكشاف والمغامرة والاحتفال والابتكار، وهو ما يؤدي إلى إيقاظ غفوة المستهلكين من جمود الحياة المرتبط بإحصائيات “كوفيد-19”.

فإذا كان خبراء التسويق يرغبون في جعل الناس يضحكون أو يتأثرون للحظات، وفي أن يشعروا بالرضا بعد “الضجة” التي تحيط بحملاتهم الإعلانية، فيمكنهم الاستمرار في نشر الإعلانات التي تجذب الانتباه ولكنها تفشل في تحقيق النتائج. لكن إذا كانوا يريدون بعث الهمة على العمل وإيقاظ غفوة المستهلكين، فيجب عليهم التركيز على أفضل جوانب عملية التسويق، ألا وهو الوصول إلى العمليات العقلية الأعمق لدى الأفراد وتحفيز غريزة الشراء لديهم، لصالح كل من العلامة التجارية والتعافي الاقتصادي.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .