كيف تتخذون قرارات أفضل في شركتكم العائلية

9 دقيقة
اتخاذ القرارات في الشركة العائلية
shutterstock.com/PHOTOCREO Michal Bednarek
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تواجه الشركات العائلية أحياناً لحظات تضطر فيها إلى اتخاذ قرارات مصيرية قد تترك تبعات هائلة على مستقبل العائلة والشركة أيضاً: “من يجب أن يكون الرئيس التنفيذي المقبل للشركة – ابنتي أم ابني؟” “هل يجب أن نشتري حصّة ابن عمّنا في الشركة؟” “هل يمكننا الوثوق بأعضاء مجلس الإدارة الذين لا ينتمون إلى العائلة في اتخاذ القرارات الأساسية التي تمسّ شركتنا؟” “كيف يمكننا إدارة اتخاذ القرارات في الشركة العائلية؟”

اتخاذ القرارات في الشركة العائلية

ولكي نساعد زبائننا على فهم الأمور، فإننا نستعمل تشبيهاً بسيطاً لتوصيف المكان الأنسب والطريقة الفضلى للشركات العائلية لكي تتّخذ قراراتها. فتماماً كما نفصل غرفة النوم عن المطبخ في بيوتنا، فإن الشركات العائلية الناجحة تبني أربع غرف مستقلة وتفرشها بالأثاث المناسب. وهذه الغرف الأربع هي: غرفة المالك، وغرفة مجلس الإدارة، وغرفة الإدارة التنفيذية، وغرفة العائلة.

وهناك قرارات حسّاسة تتّخذ في كل واحدة من هذه الغرف: فغرفة الإدارة التنفيذية توجّه العمليات؛ وغرفة مجلس الإدارة تراقب أداء الشركة وهي من يوظف الرئيس التنفيذي أو يطرده من منصبه؛ أمّا غرفة المالكين فهي من يضع الأهداف العليا للشركة وينتخب مجلس الإدارة؛ بينما غرفة العائلة هي المسؤولة عن ضمان وحدة الكلمة في الشركة وتطوير المواهب العائلية، وهذا غيض من فيض القرارات الأساسية التي تتّخذ في كل واحدة من هذه الغرف.

تعمل الأنظمة المتّبعة في الشركات العائلية الناجحة على توجيه القرارات إلى الغرفة المناسبة، في حين أنّ أفراد العائلة وغيرهم يؤدّون أدواراً مختلفة ويتصرّفون بطريقة مختلفة في كل غرفة من هذه الغرف.

كما أن منبع السلطة والصلاحيات الكامن وراء اتخاذ القرارات يتباين من غرفة إلى أخرى. ففي غرفة المالك، تنبع السلطة والصلاحيات من الشخص الذي يسيطر على الأسهم، إمّا بصورة مباشرة أو عبر صناديق استثمارية. وفي غرفة مجلس الإدارة، يؤثّر أعضاء مجلس الإدارة في بعضهم البعض، وهنا عادة يكون التأثير متبادلاً بين الأقران. وبالنسبة للرؤساء التنفيذيين، فإنّهم يديرون مؤسسات تكون عادة قائمة على التراتبية والهرمية وهي عموماً تتّخذ القرارات على أساس العوائد المالية. أمّا العائلات فتدير شركاتها بناءً على الإجماع وتتّخذ قراراتها بناءً على تأثير هذه القرارات على إرث الشركة وريادتها.

يساعد هذا النموذج القائم على الغرف الأربع في رسم حدود للقرارات. فالرئيس التنفيذي غير العضو في العائلة، على سبيل المثال، يظل في غرفة الإدارة التنفيذية وليس هو من “يقرّر” ما هي الجامعات التي يجب أن يلتحق بها أبناء العائلة المالكة للشركة للدراسة فيها. وبصورة مشابهة، فإن المدراء التنفيذيين يتّخذون قرارات يومية حول كيفية تنفيذ استراتيجية الشركة لكن لا قرار لهم بخصوص سياسة توزيع أرباح الأسهم. فهذا الأمر يعود إلى المالكين. أمّا أعضاء العائلة، من جهتهم، فلا يستطيعون أن يدخلوا إلى أي غرفة يشاؤون؛ بل يجب أن تكون هناك آلية واضحة لنقل رغبات العائلات وحاجاتها إلى الغرف المناسبة.

هذه الغرف الأربع ليست مرتّبة أو منظّمة بشكل عشوائي؛ بل هي تخضع لهرمية أو تراتبية واضحة. فالإدارة التنفيذية مسؤولة أمام مجلس الإدارة الذي يعتبرُ مسؤولاً أمام مالك المجموعة. كما أن غرفة العائلة لا تقبع فوق الغرف الأخرى، بما أن الغرف الأخرى ليست مسؤولة أمام العائلة. بل إن غرفة العائلة تسير بمحاذاة تلك الغرف وهي تجسّد وحدة العائلة، وهذا عنصر هام للمحافظة على حالة الحسم في جميع أرجاء الشركة العائلية ولتطوير مواهب أفراد العائلة، الذين يمكنهم، إذا باتوا يمتلكون المؤهلات المطلوبة، الانتقال إلى الغرف الأخرى. كما أنّ الغرفة العائلية هامّة أيضاً من حيث أنها تُعتبر بمثابة منتدى للتعامل مع النزاعات والتوترات العائلية التي يمكن أن تؤدّي إلى حصول انقسام في الغرف الأخرى.

ثلاث تحديات تواجهها الشركات العائلية خلال عملية اتخاذ القرارات

من خلال أعمالنا التي استعنا فيها بنموذج الغرف الأربع هذا، اكتشفنا بأن الشركات العائلية تواجه ثلاثة تحدّيات متكرّرة وأساسية خلال عملية اتخاذ القرارات. ودعونا في السطور التالية نراجع كلّ واحد من هذه التحدّيات الثلاثة بدوره.

البيوت المؤلفة من غرفة واحدة

كان هناك الشركة العائلية (أ) التي يعيش أفرادها في غرفة واحدة. فقد كانوا يمارسون العمل التجاري على مائدة الغداء. كما كان الأخوة والأخوات التسعة الذين يمتلكون حصصاً متساوية في الشركة والذين كانوا يتولون مناصب قيادية رئيسية فيها، يتناولون الطعام معاً يومياً. وبهذا المعنى فقد تحوّلت غرفة تناول الطعام وبحكم الأمر الواقع إلى غرفة مجلس إدارة، وغرفة للمالك، وغرفة للإدارة التنفيذية، وغرفة عائلية. وفي جلسة واحدة فقط، كان من الشائع جدّاً أن ترى هؤلاء الأشقاء والشقيقات ينتقلون بالحديث من التفاصيل اليومية الدقيقة للعمل في الشركة (مثل تحديد أسعار البضاعة في متاجر التجزئة التي كانت العائلة تملكها)، إلى كيفية استثمار ثروتهم البالغة عدّة ملايين من الدولارات في أصول مملوكة بشكل مشترك، إلى المكان الأنسب لقضاء عطلة أعياد الميلاد لهذا العام.

وكانت هذه النقاشات بمثابة حوارات ودّية نادراً ما تقود إلى اتخاذ أي قرار – وهو واحد من أكبر التحديات (والمخاطر) التي تواجه أي شركة عائلية. فالمحادثات كانت تلف وتدور وتراوح مكانها على الرغم من الحاجة إلى اتخاذ قرار بخصوص أحد الأقسام الذي كان يشهد انحداراً في أنشطته. فما الذي كان يجري؟ أولاً، هذه البيئة التي وجدوا أنفسهم فيها كانت تعزّز حصول حوار رائع، لكنّها نادراً ما كانت تفضي إلى اتخاذ قرارات فعلية. وحتى عندما كانوا يتّفقون على الإجراءات الواجب اتخاذها، لم تكن هناك متابعة كبيرة لمعرفة ما الذي نفّذ وما الذي لم يُنفّذ منها. والأهم من كل ذلك، كانت عملية اتخاذ القرارات أميل إلى أن تكون عملية توافقية، رغم أن بعض الإخوة كانوا يمتلك خبرة أكبر في بعض المجالات من الإخوة الآخرين.

فالعديد من الشركات العائلية تتّبع هذه الطريقة غير الرسمية في تبادل المعلومات؛ لكنها غالباً لا تعي بأنّ هذه الهيكلية يمكن أن تحسّن بشكل كبير من جودة قراراتها وفعاليتها. وغالباً ما يكون غياب الوعي هذا أمراً قديماً وموروثاً من التاريخ السابق للشركة. فالشركة العائلية المؤلفة من غرفة واحدة تشبه السقيفة الكبيرة التي قد يعيش فيها شخص أعزب، أي المخزن الذي جرى تحويله بحيث أصبح يجمع إسطبل الحيوانات، وغرفة النوم، والمرحاض، والمطبخ في مكان واحد. فإذا ما قرّر هذا الشخص الأعزب أن يتزوّج وينجب أطفالاً، فإنّه بحاجة إلى بيت أكبر بجدران تفصل بين الغرف؛ حيث يجب أن يكون هناك مطبخ منفصل، وغرف منفصلة لتناول الطعام، وللجلوس، وللنوم. والأمر ذاته ينطبق على الشركة العائلة التي تكبر وتتحوّل من كيان يمتلكه شخص مؤسس ويديره بنفسه إلى نظام عائلي أكبر، ففي هذه الحالة يتعيّن على الشركة أن تتطوّر وتتبنّى نظاماً أكثر تعقيداً يناسب وضعها الجديد.

لقد ساعدنا هذه العائلة (أ) على إدراك ضرورة وجود هيكلية، حيث قاموا بتجزئة نظام شركتهم العائلية إلى أربع غرف. وقد عملنا معهم على تأليف لجان تنفيذية تتولّى شؤون نشاطاتهم التجارية الأساسية، حيث أن كل واحدة من هذه اللجان تعتبر مسؤولة أمام مجلس إدارة منفصل. وقد جرى تأسيس مجلس للمالكين لاتخاذ القرارات المتعلقة بكيفية تخصيص رأس المال ضمن أنحاء الشركة، ومجلس للعائلة لتحضير 30 فرداً من أبناء الجيل المقبل في العائلة لتولّي مناصب قيادية وإدارية في الشركة يوماً ما، إذا كانوا مناسبين لشغلها. ولم يعد الأشقاء والشقيقات التسعة يشغلون كل الغرف معاً، وتمّت الاستعانة بأشخاص من الخارج، وتحديداً لملء غرفتي الإدارة التنفيذية ومجلس الإدارة، بغية زيادة فعالية عملية اتخاذ القرارات.

رغم أن هؤلاء الأشقاء احتاجوا إلى بعض الوقت للتأقلم والتكيّف مع هذه الهيكلية الجديدة القائمة على الغرف الأربع، إلا أن ذلك سمح لهم باتخاذ بعض القرارات الصعبة بخصوص شركتهم، كما أنه سمح لهم أيضاً بإيجاد المزيج الصحيح من الأدوار الأنسب لمواهبهم واهتماماتهم. هم لازالوا يتناولون طعام الغداء معاً يومياً، وهم بالتأكيد يستمتعون برفقة بعضهم البعض، لكنهم اليوم باتوا يجتمعون بصورة أساسية للاستمتاع بوقتهم مع بنات وأبناء الإخوة والأخوات، وللتخطيط للعطلات القادمة، وللمحافظة على علاقتهم مع بعضهم كإخوة.

الغرف المفقودة

كانت العائلة (ب) وإلى حدّ كبير تُعْتَبَرُ نموذجاً مثالياً يُحتذى للشركة العائلية. فقد كانت تطبّق أسلوباً عائلياً للحوكمة من طراز عالمي رفيع يُدار ضمن مجلس عائلي نموذجي؛ ودعونا نعترف بصراحة بأن هذا الأسلوب كان من أروع الأمثلة التي مرّت بنا خلال عملنا والتي لم نشهد لها نظيراً من قبل. كما كان أفراد العائلة يتمتّعون بغرفة مجلس إدارة مليئة بالنجوم، تضمّ أفراداً من العائلة وأفراداً آخرين من خارج العائلة، حيث كان أعضاء هذا المجلس يجتمعون دورياً ويشرفون بمنتهى الفعالية على أعمال الشركة، التي كانت تبلي بلاءً حسناً وتحقق الكثير من الأرباح. وكانت توزيعات الأرباح هي الأخرى قوية، رغم أن الشركة كانت في طور النمو.  

ولكن كان هناك مشكلة عامة، ألا وهي أن غرفة المالكين كانت مفقودة من البيت. فقد كان المالكون وبملء إرادتهم قد تخلوا عن سلطتهم لصالح أعضاء مجلس الإدارة. وكانوا يعقدون اجتماعات الجمعية العامة للمساهمين مرّة كلّ عام بحسب نص القانون، غير أن هذه الاجتماعات كانت عبارة عن مناسبات روتينية. وهذا التفويض الممنوح إلى مجلس الإدارة سمح له عملياً بانتخاب نفسه.

في نهاية المطاف، كانت هناك أغلبية من الأعضاء الخارجيين الغرباء في مجلس الإدارة، بحيث أن نفوذ الأعضاء من المالكين أخذ بالتراجع. وقد كان المجلس العائلي مميزاً في تنظيمه للاجتماعات العائلية السنوية وتطوير الجيل التالي من أفراد العائلة، لكنّ هذا المجلس أخفق في تقديم رأي متماسك بخصوص القضايا والقرارات المتعلقة بالمالكين.

وبما أن مجلس الإدارة كان يتولّى عملية الإشراف على الإدارة، فقد كان يطرح السؤال التالي دائماً: “ما الذي يريده المالكون؟” “هل يريدون تنمية الشركة؟” “هل يريدون الحصول على السيولة؟” فدون وجود غرفة للمالكين، لم تكن هناك طريقة لدى مجلس الإدارة لخوض هذا النقاش مباشرة مع المالكين. وفي غياب هذا المنظور، اختطّ أعضاء مجلس الإدارة لأنفسهم الطريق الذي كانوا يعتقدون بأنّه الأكثر منطقية. وقد احتاج أعضاء الأسرة المالكون للشركة إلى سنوات طويلة ليدركوا بأن المسار الذي يسيرون فيه لم يكن هو المسار الذي يريدونه، لكنهم كانوا يفتقرون إلى المكان الذي يستطيعون فيه طرح هذه المخاوف.

إن امتلاك شركة عائلية دون وجود غرفة للمالكين يشبه امتلاك فيلا كبيرة دون مطبخ: فمهما كانت الفيلا وحدائقها فخمة، فإن هذا المسكن لن يكون نافعاً. ومع ذلك وبحسب تجربتنا، فإنّ غرفة المالكين هي أكثر الغرف المفقودة في الشركات العائلية، على الأقل في الولايات المتّحدة الأميركية.

يعود تفسير هذا الأمر جزئياً إلى أن كليات الأعمال في الولايات المتّحدة الأميركية لديها الكثير لتعلّمه بخصوص الممارسات الفضلى المتعلقة بمجالس الإدارة وكذلك الإدارة التنفيذية للشركات المدرجة في البورصة، وهي دروس يمكن الاتعاظ بها ونقلها إلى الشركات العائلية. لكن الملكية الخاصّة عادة ما يصيبها التجاهل في العالم الأكاديمي وفي المجال العملي. والمستشارون الذين فرّغوا أنفسهم حصرياً لتقديم المشورة للشركات العائلية ركّزوا على الجزء العائلي من نظام الشركة العائلية خلال السنوات الثلاثين الماضية.

صحيح أن حوكمة الشركات العائلية ضرورية، لكنّها غير كافية.

فإذا لم تكن هناك غرفة للمالكين، فإن الرابطة بين العائلة والشركة تنقطع. وعندما يتّخذ المالكون موقفاً غير نشطٍ مع مرور الوقت، فإنهم يفقدون السيطرة على الشركة لصالح الأشخاص المفوّضين بالصلاحيات والذين يتّخذون القرارات نيابة عنهم. ومن جهة أخرى، نعرف مجموعة غير قليلة من العائلات الأوروبية التي ليس لديها غرفة للمالكين. وفي هذه الحالات، يصبح المال هو الهم الطاغي على ما عداه. وتصبح حقوق التصويت هي ما يقرّر طريقة اتخاذ القرارات، حتى عندما يناقش أفراد العائلة موازنة اللقاء المقبل للعائلة.

لم تكن هذه هي المشكلة بالنسبة للعائلة (ب)، التي كانت بحاجة إلى إنشاء غرفة للمالكين تؤدّي المطلوب منها بفعالية. وللقيام بذلك، اضطرت هذه العائلة أولاً إلى اتخاذ خطوة أشعرتها بعدم الارتياح. فقد اضطرت إلى إنشاء منتدى لم يكن جميع أعضاء العائلة فيه متساوين، حيث يشارك فيه المالكون دون وجود الزوجات والأزواج والأنسباء، أي أنهم بعبارة أخرى أنشأوا مجلساً للمالكين. ثم قامت مجموعة المالكين بتدعيم معلوماتها حول الشركة قبل انتخاب ممثلين عنها منحتهم الصلاحيات والسلطات الكاملة لوضع رؤيتهم للشركة واختيار مجلس الإدارة. استغرق الأمر وقتاً، لكن العائلة استعادت سيطرتها اليوم على شركتها، حيث بات المالكون يؤدّون الوظيفة الأساسية والحرجة التي كانت مفقودة.

الغرف الفوضوية

كانت العائلة (ج) تملك غرفة لمجلس الإدارة تضمّ رئيساً تنفيذياً/رئيساً لا ينتمي للعائلة ويتّسم أداؤه بالضعف، لكنّه كان يهيمن على مجموعة من أعضاء مجلس الإدارة الذين ينتمون إلى العائلة والذين كانوا غير مهتمّين كثيراً بالعمل ويفتقرون إلى الخبرة. وعندما كان مجلس الإدارة يجتمع، كان هذا الرئيس التنفيذي/الرئيس هو من يدير الأمور، حيث كان هو من يختار المعلومات التي يعتقد أنّها هامّة. كما كان يجيب عن أسئلة أعضاء مجلس الإدارة من أفراد العائلة بمستوى مُرْبِك من التفاصيل لم يكونوا قادرين على فهمه. وكان المالكون يقولون بأنهم يشعرون وكأنهم “أغبياء” خلال اجتماعات مجلس الإدارة.

ورغم أن أداء الشركة وبكل وضوح كان أضعف من أداء نظرائها في السوق، إلا أن الرئيس التنفيذي/الرئيس أصرّ على الحصول على تعويضات ورواتب مغرية جدّاً لكن غير مرتبطة بالأداء. أمّا المالكون، من جهة أخرى، فقد قيل لهم بأنه لن تكون هناك توزيعات أرباح لسنتين على الأقل. ومن الواضح بأن غرفة مجلس الإدارة كانت تفتقر إلى الأشخاص المناسبين.

غير أنّ وضع الأشخاص المناسبين في غرفة مجلس الإدارة ليس بالمهمّة السهلة. لأن إدخال أعضاء مستقلّين إلى مجلس الإدارة يتسبّب غالباً بدرجة من القلق ضمن الشركات الخاصّة التي يُطبقُ أصحابها على ملكيتها. فما لم يكن هؤلاء الأعضاء المستقلون يبصمون على قرارات أصحاب الأغلبية، فإنّهم سيجمعون الكثير من السلطة في أيديهم. فهم يتعرّفون على أسرار الشركة رغم أنّهم في حقيقة الأمر غرباء. ومستوى الثقة المطلوب لتقديم المعلومات إلى الغرباء مرتفع للغاية. ولكن عندما تسير الأمور على ما يُرام، فإن مجلس الإدارة الجيّد يشكّل صمّام أمان وجسراً بين المالكين والشركة. وكما يعبّر أحد زملائنا عن الأمر فإنّ “مجلس الإدارة هو بمثابة المُحكِّم المسؤول عن تحقيق الإنصاف”. فإذا ما تمكّن مجلس الإدارة الفعّال جداً من حل المشاكل بأكبر قدر ممكن من عدم الانحياز، فإنّه سيساعد في إحلال الاستقرار في الشركة العائلية عبر الأجيال.

تتضمّن عملية تنظيف غرفة مجلس الإدارة الموازنة بين الأعضاء المالكين والأعضاء المستقلين الغرباء. فمع مرور الوقت، غالباً ما تشهد مجالس الإدارة هذه تحوّلاً بحيث يصبح غالبية أعضائها من المستقلّين، لكن هذا النوع من التحوّل يستغرق عادة سنوات عديدة. وتقتضى الممارسات الفضلى استبعاد المدراء التنفيذيين غير المالكين في الشركة، باستثناء الرئيس التنفيذي، من عضوية مجلس الإدارة، في حين أن عضوية أفراد العائلة في مجلس الإدارة تقتصر على من يمتلكون معرفة عميقة بالشركة وملتزمين بها، وليس الأفراد الذين يدخلون إلى المجلس بهدف “حماية” حصّتهم في الشركة.

واضعين هذا الأمر في أذهاننا، قمنا بمساعدة العائلة (ج) على القيام بشيئين: انتخاب مجموعة من الأعضاء المستقلين الأقوياء في مجلس إدارة الشركة، ونقل بعض النقاشات والقرارات من غرفة مجلس الإدارة إلى غرف المالكين، حيث يمكن للمالكين من أفراد العائلة مناقشة مخاوفهم واتخاذ القرارات المتعلّقة بالملكية خارج التأثير والنفوذ المباشرين للرئيس التنفيذي. (كما أننا أوصينا بتعيين عضو مجلس إدارة خارجي في منصب الرئيس، لكن عقد الرئيس التنفيذي/الرئيس، كان يمنع اتخاذ هذه الخطوة. وبالتالي، بعض حالات الفوضى تظل قائمة، أو ربما تؤجّل إلى مرحلة لاحقة).

هذا التشبيه الخاص بالغرف الأربع هو عبارة عن طريقة بسيطة وحيوية لإعادة التفكير في عملية اتخاذا القرارات في الشركة العائلية بطريقة يمكن أن تقود إلى تحوّلات هامّة فيها. وقد لخّص أحد الرؤساء التنفيذيين عملية التحوّل إلى هذه الغرف الأربع على النحو التالي: “لقد أصبحت شخصاً أكثر كفاءة وبنسبة 50%. فعندما يدخل أخي الثاني، الذي لم يعد يعمل في الشركة، إلى مكتبي الآن ويشتكي بخصوص بعض القرارات الإدارية التي اتخذتها، فإنني أقول له: “عزيزي جاك، هل أنت تتحدّث إليّ بصفتك مالكاً؟ فهذه القضية ليست ضمن نطاق صلاحياتك. بل هذه قضية تناقش في غرفة الإدارة”. أمّا الآن، فقد أصبحت أخوض نقاشاً واحداً فقط في كل غرفة، وفي بعض الأحيان أخوض نقاشات أكثر بكثير ممّا كنت أعتقد بأنها ضرورية، وأنا أحرز تقدّماً أكبر بكثير”.

هذه اللحظة التي تشبه قول أرخميدس “وجدتها” هي واحدة من أكثر اللحظات تكراراً في عملنا المتعلق بدراسة اتخاذ القرارات في الشركة العائلية.

اقرأ أيضاً:

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .