“ألفاغو” وحدود الحدس لدى الآلة

3 دقائق
برنامج ألفاغو وحدود الحدس لدى الآلة
HBR STAFF
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

أوقع برنامج “ألفاغو” التابع لشركة “جوجل” هزيمة نكراء بخصمه لي سيدول، الأستاذ الكبير في لعبة “غو” الصينية، إذ أحرز نتيجة (4 – 1)، وهذا يدعو للقول أن الذكاء الاصطناعي قد حقق مرة أخرى علامة فارقة ضد الإنسان، وهو ما يثير المخاوف حول إمكانية أن تحل الآلة محل البشر في نهاية الأمر، بما فيهم المدراء. لكن حتى مع هذا الفوز الكاسح، فقد كشف برنامج “ألفاغو” عن أن الذكاء الاصطناعي لا يزال يعاني قصوراً في عدة نواح، وعلى وجه الخصوص عندما يتعلق الأمر ببرنامج “ألفاغو” وحدود الحدس لدى الآلة.

ما هو برنامج “ألفاغو”؟

استحوذت شركة “جوجل” عام 2014 على شركة “ديب مايند” (DeepMind) وهي الشركة المطورة لبرنامج “ألفاغو”، وذلك ضمن صفقة بقيمة 500 مليون دولار، من أجل توسيع ملفها المزدهر المتعلق بالذكاء الاصطناعي. لا تسمح خوارزمية “ألفاغو” للتعلم العميق لكل من “شبكة السياسات” و”شبكة القيمة” بتخزين ملايين من مرات اللعب السابقة التي قام بها كبار المتبارين فحسب، بل تسمح أيضاً بتخزين مرات اللعب التي نفذتها اللعبة ذاتها ضد إصدارات معدلة منها. تعتبر تسمية الشبكتين السابقتين ذات طابع إداري يهدف إلى التعزيز من الكفاءة، وليس مجرد الإشارة إلى القوة الحاسوبية ذاتها. “فالسياسة” تساعد على تضييق نطاق الحركات التي تؤدي على الأرجح إلى تحقيق الفوز، في حين أن “القيمة” تقلل من التعمق في البحث وذلك من خلال تقييم الفائز في كل موضع من دون إتمام اللعب إلى النهاية. عند إعداد القواعد للعبة رقعة محددة القوانين على نحو جيد، تكون مسألة الحد من مستوى البحث أمراً في غاية الأهمية.

أما في الإطار الإداري، تكون قواعد المنافسة أقل تنظيماً، والأهم من ذلك، أن الخطورة لا تتساوى بالنسبة لكل النتائج. بعبارة أخرى، لا يتعلق الأمر في نطاق العمل بمجرد الفوز والخسارة، بل يتعلق أيضاً بمدى الفوز أو الخسارة. ظهرت محدودية الذكاء الاصطناعي جلية في أثناء اللعبة الثالثة عندما لم يزد “ألفاغو” من تقدمه، وبدلاً من ذلك قام فقط بلعب “حركات على مهل”. في لعبة “غو”، تعتبر كل مباراة مستقلة؛ أي أن “ألفاغو” كان يعنى فقط بتحقيق الفوز في تلك اللعبة تحديداً. أما في عالم الأعمال، على أي حال، يساعد مقدار نجاحاتك في زيادة فرصك للفوز في الجولات المقبلة. إذا كان منافسك خاسراً، فقد ترغب في الإبقاء عليه خاسراً من أجل مصلحتك.

نقاط قوة البرنامج

إدارة الوقت كانت من الأمور التي يُفترض أنها تمثل نقطة قوة بالنسبة لبرنامج “ألفاغو”، في حين أنها في الحقيقة إحدى نقاط ضعفه. ثُبّتت خوارزمية خاصة بحيث يكون الوقت الذي يستغرقه “ألفاغو” عند أداء كل حركة ثابتاً. كانت الفائدة من هذه الميزة هي أن “ألفاغو” سيتجنب نفاد الفترة الزمنية المحددة ولن يكون عليه التسرع في المرحلة النهائية للعبة. وكان هذا يشكل تناقضاً كبيراً مع ما سيفعله الأستاذ الكبير لي، الذي كان سيستغرق دقائق أكثر في المراحل الاستراتيجية خلال اللعبة. في الهزيمة الوحيدة لألفاغو في المباراة الرابعة، قام البرنامج بالحركة القاتلة باستخدام نفس المقدار من الوقت “الفعال”. كان المزيد من التحليل سيقود “ألفاغو” إلى وضع أكثر أماناً، ولكن بعد فوات الأوان. كثيراً ما تتخذ الشركات قراراتها الروتينية بسرعة كبيرة، لكنها تستغرق المزيد من الوقت في التفكير حول كيفية التأقلم والاستجابة عندما تواجه أحداثاً جديدة ذات عواقب بعيدة المدى. يحتاج الذكاء الاصطناعي المزيد من الوقت ليطور هذا المستوى من المحاكمة.

أخيراً، لنتناول خوارزمية “ألفاغو” للتدريب الذاتي. بغض النظر عن المعرفة التي تتجاوز آلاف السنين بالألعاب التي يتداولها الإنسان، فإن خسارة “ألفاغو” تُعزى إلى خطوة خاطئة اتخذها البرنامج عندما تمت مباغتته من الخصم. فقد قام لي بحركة غير متوقعة. والذي زاد الطين بلة، أن استجابة “ألفاغو” كانت رديئة، لكنه لم يدرك ذلك إلا بعد عدة حركات لاحقة. يمكن أن ينسب للتعلم الداخلي، سواء على مستوى الشركة أو مستوى القطاع بأكمله، جزء من محدودية الأداء، لاسيما في الاقتصاد التشاركي والتقارب الاقتصادي الحالي. لكن المواقف الجديدة تتطلب حلولاً جديدة، لا يمكن العثور عليها دوماً في الدليل الإرشادي. غالباً ما يبحث المدراء في مواضع أخرى، كأن يبحثوا عن حل فريد للمشكلة لدى قطاع آخر يواجه مشكلة مماثلة. والأكثر من ذلك، هو أن البشر قد يكونوا أكثر عرضة للخطأ من الآلات، إلا أن قوتنا تكمن في قدرتنا على إدراك أخطائنا وتحسينها، تماماً كما فعل لي. ومع مرور الوقت، أدرك برنامج “ألفاغو” الخطأ الذي وقع فيه، لكن فات الأوان لتصحيح المسار.

غالباً ما يعرف الذكاء الاصطناعي بكماله النابع من الفكر الإنساني لكن كما وضح “لي” في قوله أنه هو الذي خسر، وليس البشر، فما يميزنا هو تواضعنا واعترافنا بنقصنا وقدرتنا على الصمود – وهي صفات لا تزال بحاجة إلى تطوير إذا كان الذكاء الاصطناعي سيشكل فعلاً تهديداً للمدراء بعد تجربة برنامج “ألفاغو” وحدود الحدس لدى الآلة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .