كيف تعيد توزيع جلوس الموظفين في المكاتب لزيادة الإنتاجية؟

4 دقائق
توزيع جلوس الموظفين

يستثمر أرباب العمل في الكثير من الأمور لزيادة أداء الموظفين، من المكافآت إلى تقديم حوافز للتعليم والتدريب. صحيح أن تلك الطرق التقليدية تؤدي إلى تطوير مهارات الموظفين وزيادة مردودهم، إلا أننا اكتشفنا طريقة أكثر بساطة لزيادة الإنتاجية، علاوة على أنها منخفضة الكلفة وذات أثر فوري. تتمثل هذه الطريقة في توزيع جلوس الموظفين وإعادة ترتيبات أماكن جلوسهم في المكتب بشكل أفضل.

تشير الأبحاث التي أجريناها إلى أن من يجلس بجانب الموظف يؤثر على أدائه، بالتالي، يمكن أن يؤدي جمع النوع الصحيح من زملاء العمل معاً إلى تحسين الإنتاجية وجودة العمل.

اقرأ أيضاً: كيف تشجّع الموظفين “النجوم” على العمل في بيئة تعاونية؟

قمنا، على مدار عامين، بتحليل البيانات الخاصة لأكثر من ألفي موظف يعملون ضمن شركة تكنولوجية كبرى تملك عدة مكاتب داخل الولايات المتحدة وأوروبا. (إن الشركة إحدى عملاء “كورنرستون أون ديماند” (Cornerstone OnDemand)، التي يعمل فيها – جيسون – أحد كاتبي المقال). أنشأنا معرّفات فريدة لكل موظف بعد دمج 5 مصادر بيانات مختلفة:

  • ملف البيانات الرئيسي الذي يحوي بيانات الموظف، مثل أيام التعيين وإنهاء العمل، والمنصب الوظيفي، والتعويض، والمدراء المباشرين.
  • نتائج استطلاعات مشتركة أجريت ضمن كل مكاتب المؤسسة.
  • تقارير شهرية عن موقع كل موظف والمكان المخصص له على مدار الوقت.
  • خرائط المبنى ومخططات الطوابق لحساب المسافة بين كل حجيرة في كل طابق.
  • بيانات الأداء (والتي تم تقسميها وفق 3 معايير):
  • الإنتاجية. قِسنا متوسط ​​طول الوقت اللازم للموظف لإنهاء مهمة. بالنسبة لموظفي هذه الشركة، كانت المهام متشابهة إلى حد كبير ومنتظمة الحدوث.
  • الفعالية. قِسنا معدل الإنتاج اليومي في الحالات التي احتاج الموظف إلى موظف آخر لإنهاء مهمته. حدث هذا عندما لم يتمكن الموظف من حل المهمة بمفرده وتم تحويلها لآخر للعمل عليها.
  • الجودة. قسنا رضا العميل عن المهمة على مقياس من 5 نقاط.

من أجل قياس الأداء كله، نظرنا إلى “الآثار العرضية“، التي تقيس أثر مَن يجاورون الموظف على أدائه. لنفترض أن هناك موظفة لديها 3 زملاء عمل: الأول يجلس بقربها، والثاني على مسافة 8 أمتار منها، وثالث يجلس على مسافة 16 متراً. نظرنا إلى أداء زملاء العمل الثلاثة آخذين بعين الاعتبار المسافة بينهما، واستخدمنا متوسط الآثار العرضية لأدائهما على الموظفة مستخدمين عدة تقنيات نمذجة بيانات.

رأينا أن من يجاور الموظف يمتلكون في الغالب تأثيراً كبيراً على أدائه، الذي يمكن أن يكون إما إيجابياً أو سلبياً. من حيث الحجم، وجدنا ما يقرب من 10% من أداء الموظف ينتقل إلى من يجاوره كآثار عرضية. بمعنى آخر، يؤدي استبدال موظف متوسط ​​الأداء بآخر ذي أداء ممتاز قرب تلك الموظفة إلى زيادة إنتاجيتها بنسبة 10% في المتوسط.

كيفية توزيع جلوس الموظفين

إحدى المزايا الفريدة لبياناتنا في أن العمال تم تعيينهم عشوائياً ضمن فرق وإلى مكاتبهم، وكانوا يتنقلون بطريقة شبه عشوائية بسبب العرض والطلب على الموظفين. أرسل قسم الموارد البشرية المركزي الموظفين إلى مواقع مختلفة على أساس عشوائي تماماً، حيث لم يكن هناك تفكير بأهمية موقع الجار على الأداء سابقاً.

قمنا بتنصيف أنواع الموظفين ضمن 3 فئات، الأولى هم الموظفون المتسرعون، وهم من ينهون المهام بسرعة إنما بجودة متدنية، أما الثانية فهم الموظفون النوعيون، وهم من ينتجون عملاً رائعاً لكن ببطء، والثالثة هم الموظفون التقليديون، وهم من يقعون في المنتصف بين هاتين الفئتين. ربع موظفي عينتنا كانوا موظفين متسرعين، والربع الآخر كانوا نوعيين، في حين كان النصف المتبقي موظفين تقليديين.

وضع ذوي المهارات المختلفة جنباً إلى جنب عند توزيع جلوس الموظفين

وجدنا في العينة الخاصة بنا، التي تضم أنواعاً مختلفة من الموظفين أن أفضل ترتيبات للجلوس كانت عندما يجلس موظف سريع بجانب موظف نوعي، وهو ما ساعد كل فئة على تحسين عمل الفئة الأخرى. كانت هناك آثار عرضية غير مباشرة على طبيعة عمل كلتا الفئتين: حاول الموظف النوعي مماثلة سرعة الموظف السريع، في نفس الوقت الذي حاول فيها الموظف السريع تحسين نوعية عمله. عندما كان الموظفون السريعون يجلسون قرب الموظفين النوعيين (مع إجلاس الموظفين التقليديين معاً)، وجدنا ارتفاعا بنسبة 13% في سرعة العمل، وارتفاعاً بنسبة 17% في الكفاءة (مهام غير محلولة أقل) في تلك المجموعة.

اقرأ أيضاً: كيف تستعد للعودة إلى المكتب؟

من ناحية أخرى، عندما كان موظفان سريعان يجلسان معاً، لم تحدث زيادة كبيرة في إنتاجيتهما، وكذلك الأمر عند جلوس موظفين نوعيين بقرب بعضهما. نظراً لامتلاك الموظفين التقليديين أداء متوسط في كلتا الفئتين، كانوا أقل تأثراً عند جلوسهم قرب الفئتين الأخريين.

من النتائج المثيرة للاهتمام، لهذه الشركة التكنولوجية على وجه الخصوص، هو ميل الموظفين الأقوياء في بعد واحد (السرعة أو الإنتاجية) لأن يرفعوا من أداء الموظفين الأقل منهم المجاورين لهم، في نفس الوقت الذي مال فيه الموظفون الضعفاء إلى تقبل هذا الأمر. بمعنى آخر، يؤدي وضع موظف سريع بجانب موظف بطيء إلى تسريع عمل الموظف البطيء، لا إبطاء عمل الموظف السريع.

فصل الموظفين السامّين

كان “الموظفون السامّون” في عيّنتنا هم موظفون أُنهي عملهم لأسباب تتعلق بسلوك مُسيء، مثل سوء السلوك، أو عنف في مكان العمل، أو تزوير وثائق والاحتيال، وغير ذلك من الانتهاكات لسياسة الشركة. كان لهؤلاء الموظفين السامين تأثير سيئ على أداء جيرانهم.

وجدنا أنه إذا جلس موظفان سامّان بجانب بعضهما، ستزيد احتمالية إنهاء عمل أحدهما بنسبة 27%، ولكن على النقيض من الآثار العرضية المتعلقة بالسرعة والجودة. بدت كل فئات الموظفين الثلاثة عرضة للتأثر بالآثار العرضية للموظفين السامين عليها. على سبيل المثال، إذا جلس موظف سام بجانب آخر تقليدي، فإن هناك احتمالية كبيرة لأن يتحول الموظف التقليدي إلى موظف سام. يشير هذا إلى أن على الشركات إيلاء اهتمام أكثر باستطلاعات الرأي الخاصة بالموظفين التي يتحدثون فيها على شعورهم تجاه بيئة عملهم، حيث يمكن لهذه الاستطلاعات اجتثاث السمية من خلال توفير الإنذار المبكر للمدراء والموارد البشرية للتدخل.

ما الذي تسبب في آثار هذه الآثار العرضية؟

لقد وجدنا أن هذه الآثار حدثت تقريباً على الفور، إلا أنها بدأت بالتلاشي تدريجياً على مدى شهرين. (كان يتم قياس الأداء يومياً أو أسبوعياً في البداية، ثم بشكل شهري وسطياً). يشير هذا إلى أنه بدلاً من أن يتعلم الموظفون من بعضهم، الذي من المرجح أن يستغرق بعض الوقت، كانت سبب هذا التحسن مزيجاً من الإلهام و/أو ضغط الأقران الناتج عن الجلوس قرب موظفين مرتفعي الأداء، لكن لا يمكننا تحديد أي العاملين هو ما تسبب بذلك.

تقود دراستنا إلى الاعتقاد بأن إدارة أفضل لمكان العمل يمكنها تعزيز الأداء الفردي والجماعي. لكن على المدراء النظر أولاً في أداء الموظفين ورؤية أين يريدون أن تحدث الآثار العرضية. بدورنا نقدّر أن وضع مخطط جلوس استراتيجي يمكن أن يؤدي إلى زيادة في الأرباح السنوية تقرب من مليون دولار ناتجة عن إنتاجية أكبر لألفي موظف.

اقرأ أيضاً: كيفية إنهاء المنافسات بين أقسام الشركة بشكل دائم

نود أن نؤكد هنا أن لكل مؤسسة مهام مختلفة وأنواع آثار عرضية مختلفة حول كيفية توزيع جلوس الموظفين في المكاتب. بالتالي، قد لا يكون ترتيب الجلوس الأمثل الخاصة بالشركة التي درسناها هو الأفضل لجميع الشركات. ولكنه يوضح كيف يمكن لتصميم المكاتب أن يؤثر في الأداء. حالما تتعرف المؤسسة أي الآثار العرضية ستنشأ، يمكن للإدارة تخطيط المساحة في المؤسسة بطريقة تحقق نتائج أفضل. في هذه الطريقة، يمكن أن تكون المساحة، التي يمكن أن تديرها الشركات بطريقة غير مكلفة نسبياً، مورد عمل مهم.

اقرأ أيضاً: 4 طرق لاستفادة القادة من جهود الابتكار في الشركة بشكل أفضل

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .