تعرف إلى المهارات السبع التي لن تُؤتمت

6 دقائق
المهارات التي لن تُؤتمت

لقد نشأ مهنيو وشباب اليوم في عصر من التطور التكنولوجي المربك، إذ شهدوا نمو شبكة الإنترنت واختراع الهاتف الذكي وتطور أنظمة تعلم الآلة. تشير كل هذه التطورات إلى احتمال أتمتة حياتنا بشكل كامل، بما في ذلك الطريقة التي نعمل وندير شركاتنا بها، فلا عجب إذاً أن يقلق شباب اليوم حول قدرتهم على المنافسة في سوق العمل. وبصفتنا مدراء تنفيذيين عملنا على تقييم وتطبيق التكنولوجيا الرقمية في كل نوع من أنواع المؤسسات؛ ويتم غالباً طرح السؤال التالي علينا: “ما الذي يجب أن أتعلمه اليوم لكي أتمكن من الحصول على عمل في المستقبل؟” إليكم فيما يلي المهارات التي لن تُؤتمت وبالتالي ستجعلكم بعيدين عن خطر الأتمتة، وستكونون مؤهلين للعمل بغض النظر عما يحمله المستقبل.

المهارات التي لن تُؤتمت

التواصل

في عالم يبلغ فيه الاستخدام الإجمالي لوسائل التواصل من قبل البالغين في الولايات المتحدة حوالي 12 ساعة يومياً في المتوسط؛ تُعد مهارات التواصل ضرورية لجذب انتباه الآخرين وجعلهم يأخذون إجراء لصالحك. وإنّ أبسط أشكال التواصل هو بناء قصة مقنعة. إنّ الخبر السار من وجهة نظر تنافسية، هو أنّ معظم الناس توجهوا إلى “البرمجيات السيئة“، ما أدى إلى تكوّن الظاهرة المألوفة وهي “موت القصة بسبب الباوربوينت”. وعوضاً عن مجرد سرد الحقائق، يستخدم المتحدثون المقنعون كلاً من البيانات الملموسة وغير الملموسة. وهذا صحيح سواء كان المتحدث هو ألبرت أينشتاين؛ يتخيل نفسه على قطار يقترب من سرعة الضوء لشرح النسبية، أو جون كينيدي يقتبس من جون وينثروب قائلاً: “يجب الأخذ بعين الاعتبار أننا سنكون كمدينة على تلة، بحيث تكون كل الأنظار موجهة نحونا”. أثناء التواصل الفعال، تتشابك القصة والواقع والخطابة والعلوم لتطويع مشاعر الآخرين من أجل اتخاذ إجراء بشأن موضوع ما أو مبادرة ما. وعلى الرغم من الجهود المبذولة لبناء روبوتات تستطيع رواية القصص، وعلى الرغم من تأثير الروبوتات على الأخبار الكاذبة وتضخيم القناعات (وهو أمر لا يمكن إنكاره)، إلا أنّ القدرة على التواصل بشكل فعّال ستكون دائماً مطلباً ملحاً ويصعب أتمتتها.

المحتوى

من المؤكد أنّ التواصل يجب أن يكون حول موضوع معين. فإذا كنت على معرفة واسعة بمجال معين، فسوف تكون مستنداً على أساس قوي. وإذا كنت تتمتع بإدراك عميق لديناميكيات هذا المجال، فسيكون لديك ميزة لا يمكن إيجادها على جوجل. وأبعد من ذلك، إذا كنت تتحلى بسمعة مميزة في مجال ما، فإنها ستُغذي نفسها وتمنحك حق الوصول التفضيلي إلى المعرفة والمعلومات الجديدة بسبب ما أنت عليه.

في الخدمات المهنية، يمكن للمختصين اختيار أي وظيفة يرغبونها. خذ مثالاً روهت كومار، المدير الرئيس لخدمات السياسة الضريبية الوطنية في شركة بي دبليو سي (PWC) (حيث يعمل آدم). إنّ كومار معروف جداً في منطقة كابيتول هيل الأميركية، وضمن وسط خبراء الضرائب العالميين، وذلك لأنّ لديه معرفة عميقة وواسعة بمجاله، ويدرك الديناميكيات التي تحدد كيف أنّ السياسة ستشكل الحاضر والمستقبل. إذاً فإنّ أولئك الذين لديهم مزيج من الخبرة والقدرة على نقل المعرفة الجديدة سيتفوقون على الروبوتات.

السياق

تكون عادة الأنظمة المؤتمتة سيئة للغاية من ناحية التعرف على السياق. على سبيل المثال، واجهت سيارة جوجل ذاتية القيادة صعوبة في حساب السياق الذي تعمل ضمنه. لذلك، تم إضافة جهاز مادي لنظام الحوسبة والاستشعار، والذي يستخدم أشعة الليزر لتقدير المسافة. تُعد مسألة توسيع نطاق المنطق التلقائي لأنظمة الذكاء الاصطناعي لفهم سياق قراراتها أمراً معقداً للغاية، ويكون عادة الابتكار الإبداعي، مثل الابتكار في جوجل، مطلوباً للدفع بالجهود المبذولة إلى الأمام.

وبالمثل، فإنّ فهم السياق ونموذج الشركة والمنافسة والتفاعل مع العميل أو صاحب العمل يجعل فهمك للمحتوى أكثر فائدة. على سبيل المثال، إذا كنت تقترح خفض التكلفة وإعادة هيكلة الميزانية لشركة جنرال إلكتريك، حيث يكون للمستثمر الناشط نيلسون بيلتز، أحد مؤسسي صندوق التحوط تريان، مصلحة كبيرة، فسوف يكون لهدفكما معنى مختلفاً تماماً عما هو الحال في شركة “نيوز كوربوريشن” (News Corporation)، حيث لا يزال روبرت مردوخ لديه سيطرة فعالة على الشركة. يُظهر هذا النوع من الفهم السياقي بأنّ لديك معرفة بديناميات موقع الشركة وأنه من الصعب فهمهما حتى بالنسبة لأفضل الروبوتات.

الكفاءة العاطفية

حتى مع القدرات المتطورة لمنتجات الذكاء الاصطناعي مثل أليكسا من أمازون، فإنّ الآلات بدائية من ناحية قدرتها على فهم المضمون العاطفي لشخص ما، أو المضمون العاطفي ضمن اجتماع أو داخل مؤسسة. ومع ذلك، وكما لاحظ عالم الأعصاب أنتونيو داماسيو في كتابه “خطأ ديكارت” (Descate’s Error)، فإنّ مجموعة خياراتنا يمكن أن تتشكل بعقلانية، لكن العاطفة هي التي تربطنا بالعمل. بالإضافة إلى ذلك، وجدنا أنّ السمة التي تحدد القرارات التنفيذية هي عدم وجود إجابة صحيحة، وأنّ الخيارات مثقلة بالآثار العاطفية: أي المهن سوف ترتقي؟ وأيها سوف تموت؟ من الذي سيحصل على ترقية؟ ومن الذي سيفقد وظيفته؟

إنّ مستوى الكفاءة العاطفية الأبسط هو القدرة على إدراك المشاعر أثناء العمل في سياق التحليل واتخاذ الإجراءات. والمستوى التالي هو القدرة على التدخل بفاعلية في حالة معقدة عاطفياً، أي عندما يتأذى أحد ما أو يشعر بعدم اليقين تجاه أمر معين. وعلى أعلى مستوى، تنطوي الكفاءة العاطفية على إقناع الأفراد والجماعات من خلال إثارة العاطفة (مع إدراك بأنّ بعض أعضاء الفريق لن يتأثروا بما تقوله).

التعليم

قدمت الآلات مساهمات كبيرة من أجل تسهيل الوصول إلى التعليم ورفع مستوى جودته، بدءاً من  الدورات التدريبية الشاملة المتاحة على الإنترنت (MOOCS) وانتهاء بنماذج المحاكاة في تنمية مهارات التدريس ودروس أكاديمية خان. وعلى الرغم من ذلك، يلمع المدراء والمدربون داخل المؤسسات؛ حيث يتطلب التعليم فهم سياق تطور الفرد داخل المؤسسة،. على سبيل المثال، عندما كان بن هورويتز مديراً لقسم إدارة المنتجات في شركة نتسكيب (Netscape)؛ واجه مشكلة صعبة، وهي شعور العديد من المدراء ضمن فريقه بأنهم مثقلون بالعمل، ولم تترجم جهودهم إلى نجاح المنتجات التي كانوا مسؤولين عنها. فكتب وثيقة قصيرة بعنوان “مدير المنتج الجيد ومدير المنتج السيئ” واستخدمها لتدريب فريقه من أجل ملاقاة توقعاته الأساسية بما يخص عملهم. وما حدث بعدها كان بمثابة صدمة بالنسبة له، وقال: “لقد تحسّن أداء فريقي على الفور. إذ أصبح مدراء المنتجات الذين اعتقدت في السابق بأنه ميؤوس من عملهم؛ أكثر فعالية. وسريعاً، أصبحت أدير الفريق الأكثر تميزاً في الشركة”.

ربما يكون ذلك مفاجئاً بالنسبة لهورويتز، لكنه أمر متوقع بالنسبة لنا. إذ يعتبر الموظفون استثماراً أساسياً في أي مؤسسة، ومن خلال خبرتنا، نعتبر التعليم أمراً جوهرياً لضمان النجاح. ومثل أي استثمار، يحمل الموظفون الجدد درجة من المخاطرة، فأنت لا تعلم من خلال الأداء السابق للشخص كيف سيقوم بتأدية أعماله في مؤسستك. إذ ربما تُعين شخصاً بدا جيداً في المقابلة الأولى، ولكنه لم ينتج الكثير منذ بدئه بالعمل لديك، أو شخصاً يعمل بشكل جيد في موقعه، ولكنه لا يُظهر المهارات المطلوبة للترويج. في الحالتين، سيكون استثمارك ثابتاً، أو ربما قد تخسر المال. فإذا كان استثمارك في الأشخاص ثابتاً، فستجد أنّ عوائد شركتك ثابتة أيضاً. إذاً، كيف تحفز الأداء المتميز في شركتك؟ ابدأ من موظفيك، حدد ما ينقصهم من معارف ومهارات؛ واعمل معهم لسد تلك الفجوات. إنّ هذا أمر لا يتمكن الروبوت من القيام به على نحو فعّال.

الروابط

في العام 1973، نشر كل من مارك غرانوفتر وهاريسون وايت ورقة بحثية تُبرز قوة تأثير الروابط الضعيفة. وذكرا بأنّ الجميع لديهم روابط قوية مثل: العائلة والأصدقاء وزملاء العمل وما إلى ذلك. لكن أولئك الذين لديهم روابط قوية وشبكة واسعة من الروابط الضعيفة يمكنهم الدخول إلى العديد من المؤسسات بسهولة. وأحد الفروق المميزة بين الأفراد “في مناصب الإدارة العليا” للشركة والرئيس التنفيذي الفعلي؛ هو أنّ الأخير يشكل عادة علاقات ضعيفة في العديد من المجالات.

على الرغم من أنّ وسائل التواصل الاجتماعي تسهّل خلق شبكة العلاقات الشخصية، إلا أنّ البشر هم الذين يديرون شكل هذه الروابط ومضمونها. ولا تنسى ما يسمى بمفارقة الصديق، والتي تقول بأنّ أصدقاءك ​​لديهم في المتوسط أصدقاء أكثر مما لديك. إذ إنّ هناك عدداً قليلاً من الناس ممن لديهم الكثير من العلاقات، في حين أنّ الآخرين يملكون عدداً أقل. وإذا كنت من مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي، فأنت بخير. وإذا لم تكن كذلك، فيجب أن تخلق تلك الروابط؛ فالناس يرغبون بالمشاركة بشكل عام.

البوصلة الأخلاقية

عندما تصبح أجهزة الكمبيوتر أكثر تمكناً، يدرك التنفيذيون مدى أهمية الأخلاقيات والقدرة على الحكم الأخلاقي في مجال الذكاء الاصطناعى التطبيقي. ومع ذلك، فإنّ ماهية الحكم الأخلاقي هو أنه لا وجود لخوارزمية سهلة لتعظيم “القيمة”، لذلك فإنّ الأنظمة التي تعتمد على الخوارزميات غير مناسبة في الحالات التي تنطوي على مثل هذه الأحكام. وإنّ الحالة النموذجية للسائق الروبوتي الذي وقع بين خياري الاصطدام بحافلة قادمة وقتل الركاب في السيارة، أو تجنب موت الركاب من خلال الانحراف باتجاه رصيف المشاة وقتل مجموعة من تلاميذ المدارس؛ توضّح هذه النقطة. ليس لدينا إجراء أمثل لمثل هذه الحالات، ولكن كلما سخرنا المواهب البشرية ضمن الآلات، ازدادت أهمية وجود القادة الذين يدركون ويتبنون المسائل الأخلاقية العظيمة التي تواجهها المؤسسات. وحقيقة أنّ العالم سيخضع شيئاً فشيئاً لسيطرة الآلات التي تفتقر إلى البوصلة الأخلاقية؛ يزيد من أهمية وجود أشخاص يتحلون بقيم أخلاقية قوية ضمن القوى العاملة في المستقبل.

إذاً، لديك سبع من المهارات التي لن تُؤتمت والتي لا يملكها الروبوت ولن يملكها في المستقبل القريب. من المؤكد أنّ الروبوتات سوف تساعد الناس على تطوير هذه الأنواع من المهارات، لكن البشر هم الذين سيمتلكونها. وفي المحصلة، يمكن للمهارات تلك أن تجعلك مستقلاً، سواء قررت الانضمام إلى شركة ما، أو قررت كسب رزقك من خلال اقتصاد الأعمال المستقلة، أو البدء بعملك الخاص.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .