المسافة الإدارية (Administrative Distance): أو "المسافة السياسية"، وهي أحد مكوّنات نموذج "كايج" لأبعاد المسافة الأربعة، ويُقصد بهذا المصطلح مجموع الروابط التاريخية والسياسية المؤثرة التي تتشاركها البلدان في التجارة بشكل كبير. فعلى سبيل المثال، فإنّ الروابط بين البلدان المستعمرِة ومستعمَراتها تعزز التجارة بنسبة 900%، وهو ما قد لا يكون مفاجئاً للغاية بالنظر إلى علاقات بريطانيا المستمرة مع مستعمَراتها السابقة من دول الكومنولث، وعلاقات فرنسا المستمرة مع منطقة الفرنك في غرب إفريقيا، وعلاقات إسبانيا المستمرة مع أميركا اللاتينية. وكذلك يمكن أن تؤدي ترتيبات التجارة التفضيلية والعملة المشتركة والوحدة السياسية أيضاً إلى زيادة التبادل التجاري بأكثر من 300% لكل منها. لن نجد دليلاً أقوى من تكامل الاتحاد الأوروبي، والذي يعد مثالاً رئيساً للجهود المبذولة لتقليص المسافات الإدارية والسياسية بين الشركاء التجاريين. ولكن هذه العوامل لا تكفي بالطبع لوجود علاقات تجارية جيدة، وإنما يجب أن تكون العلاقات ودية بين البلدين حتى يكون لها أثر إيجابي في التجارة. فمثلاً، على الرغم من أنّ الهند وباكستان تشتركان في التاريخ الاستعماري، ناهيك عن الروابط الحدودية واللغوية بينهما، إلا إنّ العداوة المتبادلة بينهما تعني أنّ التجارة بينهما معدومة تقريباً.
يمكن للبلدان ذاتها أيضاً خلق مسافات إدارية وسياسية من خلال القيام بإجراءات من جانب واحد. وفي الواقع، تشكل سياسات الحكومات، كل على حدة، أكثر الحواجز شيوعاً أمام المنافسة العابرة للحدود. وهناك نوعان من تلك الصعوبات، الأول أن تنشأ الصعوبات، داخل البلد الأم للشركة. إذ بالنسبة إلى الشركات داخل الولايات المتحدة، على سبيل المثال، فإن الحظر المحلي المفروض على الرشوة، ووصف سياسات الصحة والسلامة والبيئة يمتلك تأثيراً مثبّطاً في أعمالها على الصعيد العالمي.
ولكن النوع الثاني هو الأكثر شيوعاً وهو أنّ حكومة البلد المستهدف هي التي تعزز الحواجز أمام المنافسة الأجنبية بفرض الرسوم الجمركية، والحصص التجارية، والقيود المفروضة على الاستثمار الأجنبي المباشر، والتفضيلات الممنوحة للمنافسين المحليين في شكل إعانات ومحاباة في اللوائح وعمليات الشراء. وفي الغالب تهدف هذه التدابير بشكل صريح إلى حماية الصناعات المحلية.