العولمة الثقافية Cultural Globalization

 ما هي العولمة الثقافية؟   

العولمة الثقافية (Cultural Globalization): صاغ الخبير الاقتصادي، والأستاذ السابق في كلية هارفارد للأعمال، ثيودور ليفيت (Theodore Levitt)، مصطلح العولمة في مقال نشره عام 1983 باسم: “عولمة الأسواق” (Globalization of Markets). ويشير مصطلح العولمة الثقافية إلى الانتشار السريع للثقافات، والأفكار، والقيم، والمفاهيم، والتجارب، والمنتجات الخاصة بثقافة معينة في جميع أنحاء العالم.

أهداف العولمة الثقافية

تساهم عولمة الثقافة في تبادل القيم الثقافية لمختلف البلدان، وتقارب التقاليد. لأنها تتميز بتقارب الأعمال وثقافة المستهلك بين دول العالم المختلفة ونمو الاتصالات الدولية، وتؤدي إلى خلق ثقافة أحادية مشتركة وعالمية تنتقل وتُعزز بواسطة الإنترنت، والتسويق العابر للحدود، والسياحة الدولية، والتي تتخطى جميعها التقاليد الثقافية وأنماط الحياة “التقليدية”، وتُشكِّل التصورات، والأذواق، والتطلعات وأنشطة الأفراد اليومية أينما كانوا في العالم.

مظاهر العولمة الثقافية وأمثلتها

تتجلى أبرز مظاهر العولمة الثقافية وأمثلتها فيما يلي:

  • الهجرة: ساهمت الهجرة في انتشار اللغات والمعتقدات والقيم من خلال الحملات العسكرية، والتجارة، والأعمال التجارية؛ إلا أنها تكثفت في العصر الحديث إثر التقدم التكنولوجي على صعيد النقل والاتصالات.
  • الطعام: تعززت العولمة الثقافية للطعام عبر شركات الوجبات السريعة العملاقة؛ مثل ماكدونالدز، وكوكا كولا، وستاربكس؛ وعليه أدى انتشار الشركات الغذائية العالمية إلى تراجع تقاليد الأنظمة الغذائية “المحلية”.
  • الرياضة: من أمثلة العولمة الثقافية في الأحداث الرياضية؛ كأس العالم، والأولمبياد، وفورمولا 1، التي توّحد الكثيرين في تجربة ترفيهية مشتركة وعالمية.

إيجابيات العولمة الثقافية

من أبرز النقاط الإيجابية للعولمة الثقافية نذكر:

  • توحيد المعايير في قياس الزمان والمكان: على سبيل المثال، كانت لكل ثقافة قديماً تقويم مختلف بناء على محددات مختلفة مثل الشمس أو القمر، وكذلك استخدام وحدات مختلفة لقياس المسافة والكتلة والحجم، أتاح توحيد هذا المقاييس سهولة التواصل دون الحاجة إلى التحويل من نظام إلى آخر في معظم الأحيان، ما ساهم أيضاً في التقدم العلمي.
  • نشر القيم السياسية والاجتماعية الإيجابية مثل الديمقراطية: يحدث هذا من خلال استخدام وسائل الاتصال المختلفة. على سبيل المثال، أدى انتشار أفكار مثل الحرية والديمقراطية والعلمانية والنسوية وما إلى ذلك إلى حركات سياسية في أجزاء كثيرة من العالم تطالب بحقوق أكبر لشعوبها.
  • خلق فرصة أكبر لتكوين الثروات: لأنها تتيح للشركات والأفراد التنقل والعمل عبر مناطق جغرافية مختلفة بسهولة أكبر، إذ على سبيل المثال، يسمح الاستخدام الواسع للغة الإنجليزية في كثير من أنحاء العالم للشركات بالتوسع في أي منطقة جغرافية تقريباً دون الحاجة إلى القلق بشأن الحواجز اللغوية والثقافية.
  • توسيع المنظور البشري: أي السماح للبشر الذين يعيشون في جزء ما من العالم بتعلم كيف يعيش الآخرون الحياة.

سلبيات العولمة الثقافية

يؤخذ على العولمة الثقافية بعض الجوانب السلبية، ومنها:

  • اتساع نطاق عدم المساواة: على سبيل المثال؛ بينما تسمح العولمة الثقافية للشركات بتقديم المزيد من الفرص للمتحدثين باللغة الإنجليزية من دول العالم الثالث، فإن هذه الفرص تقتصر فقط على أولئك الذين يستطيعون الاستثمار في اكتساب مهارات اللغة الإنجليزية باهظة الثمن.
  • صراع الحضارات: في حين تعمل العولمة الثقافية من ناحية على الجمع بين شعوب العالم، يمكن لهذا التقارب أيضاً أن يولد احتكاكاً حيث تكافح الثقافات المختلفة للحفاظ على هوياتها الفردية، ومن الممكن أن يتسبب في العنف.
  • التأثير البيئي: قد تنتشر الممارسات الثقافية الخاصة بمنطقة ما إلى مناطق أخرى، بغض النظر عما إذا كانت مناسبة لبيئة المنطقة أم لا. على سبيل المثال، في أجزاء كثيرة من العالم، كان الطعام يُستهلك “تقليدياً” في حاويات عضوية من مصادر محلية مثل تلك المصنوعة من أوراق الأشجار أو الخشب أو الخيزران، لكن انتشار الأطعمة السريعة والتغليف أدى أيضاً إلى انتشار المواد البلاستيكية.

آثار العولمة الثقافية

للعولمة الثقافية آثار ثقافية دائمة، لا سيما على الثقافات الأخرى، ومن أبرزها:

  • إضعاف الثقافات المحلية؛ إذ يمكن للثقافات الأجنبية أن تحل محل الأعراف والقيم والممارسات الثقافية التقليدية المحلية.
  • انتقال الأفكار العظيمة من ثقافة إلى أخرى، بما في ذلك طرق التفكير الجديدة حول المسائل الاقتصادية أو السياسية، وكذلك مشاركة الاكتشافات والنظريات العلمية.
  • خلق القوالب النمطية والمعتقدات المسيئة ضد أعضاء ثقافة معينة.
  • التجانس، وهو ظاهرة تبدأ فيها الثقافات المتعددة في التشابه الوثيق مع بعضها البعض، تحدث عندما تبدأ جوانب من ثقافة مهيمنة واحدة في استبدال جوانب الثقافات الأصغر.

اقرأ أيضاً: