القيادة وقت الشدة: كيف تدعم موظفيك عند وقوع الكوارث الطبيعية؟

5 دقيقة
الكوارث الطبيعية
براندون بيل/غيتي إميدجيز

تتزايد الكوارث الطبيعية تواتراً وشدةً، مع عواقب كارثية على الأفراد والمجتمعات في مختلف أنحاء العالم. تشير تقارير المراكز الوطنية للمعلومات البيئية الأميركية إلى أنه بين عامي 1980 و1989، حدث ما متوسطه 3.3 كوارث طبيعية سنوياً، مسببةً أضراراً تزيد قيمتها على مليار دولار أميركي (معدَّلة بحسب التضخم). وقد ارتفع هذا العدد إلى ما متوسطه 23 كارثة سنوياً في السنوات الخمس الماضية؛ إذ حدثت 27 كارثة من هذا القبيل في عام 2024 وحده.

الكوارث الطبيعية ليست ظواهر معتادة، وهي تتطلب من المدراء منح الأولوية لموظفيهم والتركيز على الدعم الفوري لأعضاء الفريق المتضررين. تساعد الاستراتيجيات الآتية، المستمدة من خبرتنا مع العملاء والمدراء التنفيذيين للموارد البشرية الذين تحدثنا إليهم، المدراء على تقديم دعم ملموس وتخفيف الضغط على الموظفين الذين يواجهون التحديات العاطفية واللوجستية والمالية التي ترافق الكوارث الطبيعية.

منح الأولوية للسلامة والرفاهة

يجب أن تركّز بالدرجة الأولى على ضمان سلامة أعضاء فريقك الجسدية. يشمل ذلك ما يلي:

التحقق من السلامة

اتصل بأي من أعضاء الفريق المتأثرين بالكارثة أو راسلهم، واسألهم عن سلامتهم الشخصية وعافيتهم البدنية، وقدّم لهم الدعم دون أن يطلبوه. دعهم يعلمون أن سلامتهم وعافيتهم هي الأولوية القصوى وأنك أنت والشركة على استعداد لدعمهم. يبيّن اطمئنان القائد بنفسه  على الموظفين أنه يهتم بهم وبرفاهتهم.

إذا وضعت شركتك خطة لاستمرارية العمل، فمن المحتمل أن تتوافر موارد مفيدة تساعدك في ذلك. على سبيل المثال، استخدمت شركة كولوني كابيتال (Colony Capital)، وهي صندوق استثمار عقاري عالمي، تطبيقاً للهاتف المحمول للتواصل آلياً وبسرعة وعلى نطاق واسع مع مجموعات مختارة من الموظفين في أثناء الحرائق والزلازل والأعاصير. يحمّل الخبراء معلومات الاتصال الخاصة بالموظفين في التطبيق سلفاً لتمكين إرسال رسائل مثل "مرحباً، نحن نطمئن عليك، يرجى تأكيد أنك بخير" إلى مجموعات محددة بحسب الرمز البريدي أو المدينة. يجمع الخبراء بعد ذلك ردود الموظفين بسرعة، مع تسليط الضوء على العدد القليل من الموظفين الذين لم يستجيبوا للتواصل الفوري أو للمتابعة.

وفقاً لمديرة شركة كيه أيه إف (KAF) لاستشارات الموارد البشرية، كارين فينك، تستطيع الشركات التي ليس لديها هذا النوع من خدمات تطبيقات الهاتف المحمول جمع معلومات الاتصال بالموظفين يدوياً من نظام معلومات الموارد البشرية استناداً إلى المدينة أو الرمز البريدي لإنشاء جدول حديث بأرقام الهواتف.

الإجازات المدفوعة الأجر

كن على دراية بأن الموظفين قد يحتاجون إلى التعامل مع العواقب الفورية للكارثة، مثل عمليات الإجلاء أو تأمين المأوى لعائلاتهم. تحقق مع قسم الموارد البشرية للاطلاع على السياسات المحددة لهذا النوع من الحالات إن وجدت. تقول فينك إن أغلبية الشركات تقدّم نوعاً ما من أنواع الإجازات المدفوعة الأجر لهذا النوع من حالات الطوارئ، كما أنها تستطيع وضع خطة مؤقتة استجابة للحدث.

يمكنك أيضاً الاستفسار عن إجازة مدفوعة الأجر أطول للموظفين الذين قد يحتاجون إلى وقت أطول للتعامل مع الآثار المباشرة للكارثة. العثور على سكن مؤقت طويل الأمد والتعامل مع بيروقراطية مطالبات التأمين والعثور على مدارس جديدة للأطفال، كلها أمور تستغرق وقتاً، فضلاً عن استعادة القدرة المعرفية والعاطفية. يمكن أن تساعد الإجازة المدفوعة الأجر الأطول أيضاً على تخفيف الضغوط المالية خلال هذه الفترة العصيبة.

الصحة النفسية والدعم العاطفي

احرص على دعم الصحة النفسية لموظفيك من خلال توفير الاستشارات، مثل برامج مساعدة الموظفين وغيرها من موارد إدارة الضغوط. استمع إلى الموظفين وأكّد مشروعية ما يشعرون به وأظهر التعاطف معهم. تساعد الإجراءات البسيطة مثل التعامل مع محنتهم بتعاطف وتأكيد توافرك لدعمهم خلال هذا الوقت العصيب على تخفيف التوتر الذي يعانونه قليلاً، كما أنها قد تخفف الصدمة التي قد يتعرضون لها.

يمكنك أيضاً تشجيع أعضاء الفريق الآخرين على التواصل مع زملائهم المتأثرين بالكوارث من خلال إرسال رسائل الدعم (دون أن يتوقعوا الرد). سيساعد ذلك على تعزيز الترابط وخلق شعور بالانتماء والدعم خلال هذا الوقت العصيب.

فرز عبء العمل وإعادة توزيعه

خلال أوقات الأزمات، من الضروري تعديل أعباء العمل والتوقعات لتتيح لأعضاء الفريق المتأثرين التركيز على احتياجاتهم الفورية. يجب أن تفعل ما يلي:

نقل العمل الضروري للمهام

احرص على نقل المهام الحرجة إلى زملاء آخرين في الفريق حتى يتمكن الموظف المتأثر بالكارثة من التركيز تماماً على سلامته الشخصية وعائلته وتعافيه؛ لا يخفف ذلك الضغط الذي يعانيه  فحسب، بل يضمن أيضاً استمرار إنتاجية الفريق.

تعديل المواعيد النهائية والتوقعات

بالنسبة للمهام غير الحرجة، احرص على تأجيل مواعيد التسليم أو أوقف المشروعات تماماً إلى حين يتمكن الموظف المتأثر من استئناف مسؤولياته. بالإضافة إلى ذلك، احرص على إعلام أصحاب المصلحة المعنيين بهذه التغييرات نيابة عن الموظف، ما سيخفف قلقه بشأن هذا الأمر.

التحلي بالشفافية وإشراك بقية أعضاء الفريق

تواصل بانتظام وصراحة مع الفريق حول الوضع الحالي وشارك مستجدات وضع الموظف المتأثر التي لا يمانع مشاركتها، والوقت المتوقع لعودته إلى العمل. سيوفر ذلك الشفافية للمعنيين جميعهم بالإضافة إلى ضمان اطلاع الفريق على إجراءات إعادة توزيع عبء العمل، كما أنه يمنحهم رؤية واضحة للمدة التقريبية لأي تغيير في المسؤوليات ويتيح لهم الإشارة إلى الصعوبات في تولي مسؤوليات المتأثرين بما يتيح إجراء التعديلات. في نهاية المطاف، سيضمن ذلك ألا يضطر الموظف إلى التعامل مع أي مشكلات نجمت عن إعادة توزيع عبء العمل عندما يعود، وسيساعد على عودته إلى العمل بسلاسة أكبر وإرهاق أقل.

تقديم الدعم المستمر

ربما يبدأ الموظف المتأثر بالكارثة الانخراط في أنشطة العمل مجدداً وهو لا يزال يشعر بالإرهاق. يمكنك تخفيف العبء عنه من خلال توفير موارد عملية له، ومنها:

المساعدة الضرورية

ربما كان بإمكانك دعوة فريقك أو مؤسستك لتنظيم تبرعات من الضروريات الأساسية، مثل الطعام أو الملابس، لمساعدة الموظف على الاستقرار. يتداول الكثيرون غالباً العديد من الموارد المجانية عبر البريد الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي في أثناء الكوارث الطبيعية. اجمع هذه الموارد وشاركها مع أعضاء الفريق المتضررين إذا تمكنت من ذلك. على سبيل المثال، عرضت شركة إير بي إن بي (Airbnb) في الماضي أسبوعاً مجانياً للسكن، وقدّمت شركة أوبر (Uber) خدمة التوصيل المجاني للأشخاص الذين اضطروا إلى إخلاء منازلهم. قد تُحدث هذه العروض السخية فرقاً كبيراً للمتضررين.

فقد عضو من أعضاء فريق أحد عملاء ميليسا (إحدى مؤلفتي المقال) منزله في حريق حي باليسيدز الأخير في مدينة لوس أنجلوس الأميركية. بدلاً من انتظار أن يتواصل هو مع الفريق، بادر أحد زملائه بتنظيم الدعم وجمع الملابس الأساسية ومستلزمات النظافة للعائلة، ونسّق جهداً على مستوى الفريق للإسهام مالياً في صندوق، ما ضمِن حصول الأسرة المتضررة على بطاقات هدايا من شركة أمازون وإحدى سلاسل المتاجر الوطنية، وهي موارد تستطيع الأسرة استخدامها إذا اضطرت إلى الانتقال إلى مكان آخر. أعربت العائلة عن امتنانها لهذه اللفتة قائلة إنها جنّبتها حرج طلب المساعدة في وقت عصيب.

المساعدة المالية وغيرها من المساعدات

احرص بصفتك قائداً على أن تكون على دراية بأي مساعدة مالية أو غيرها من المساعدات التي تقدمها شركتك وشارك هذه المعلومات مع عضو الفريق المتأثر، حتى لو أرسلت الشركة إعلاناً بالفعل؛ إذ قد يفوت الموظف المتضرر العديد من الاتصالات في خضم الفوضى. على سبيل المثال، أرسل الرئيس التنفيذي لشركة بينكسي ميديا كوربوريشن (Penske Media Corporation) في أثناء حرائق الغابات في لوس أنجلوس مذكرة إلى الموظفين يبيّن فيها أن الشركة ستدفع تكاليف إقامة أي موظف متأثر في فندق خلال فترة الإجلاء، وستقدم مبالغ نقدية لدفع ثمن الضروريات، بالإضافة إلى أنها ستدفع مبالغ مماثلة لتلك التي يدفعها الموظفون للإغاثة في حالات الكوارث وستمنح إجازة مدفوعة الأجر لأي موظف يتطوع لدعم جهود الإغاثة. هذا مثال على الرئيس التنفيذي الذي يقود بتعاطف ويطبّق القيم الأساسية لشركته.

من الخيارات الأخرى التي يمكنك اتباعها نيابة عن المتضررين هي التحقق من قدرة الشركة على تقديم سلفة أو قرض، أو حتى إطلاق حملة تمويل جماعي لمساعدتهم على تغطية النفقات النقدية غير المتوقعة أو تقديم الدعم الإداري للتعامل مع المسائل الشخصية. لن يساعد ذلك على تخفيف الضغط النفسي فحسب، بل سيعزز قدرة المتضررين أيضاً على الانخراط في العمل والتركيز فيه. يمكنك أيضاً مشاركة المعلومات من جمعية الموارد البشرية، التي تقدم مجموعة متنوعة من الموارد على موقعها الإلكتروني لمساعدة أعضاء الفريق المتضررين من الكوارث الطبيعية على التعامل مع المسائل المالية ومشاكل التأمين ذات الصلة.

الصبر والمرونة

تُدخِل عواقب الكوارث الطبيعية الموظفين غالباً في حالة من عدم اليقين، ومن المرجح أن يحتاج الموظف المتضرر إلى وقت طويل لإعادة التركيز على أي نشاط متعلق بالعمل. عندما يعاود هذا الموظف الانخراط في العمل، قد تضطر إلى التعامل معه بمرونة إضافية، ويشمل ذلك تقديم ساعات العمل المرنة و(أو) منحه القدرة على العمل عن بُعد (إذا لم يكن يعمل عن بعد بالفعل) للتعامل مع المسائل الشخصية المتعلقة بالكارثة، مثل تغيير السكن أو توصيل الأطفال إلى مدرسة جديدة بعيدة.

من خلال تنفيذ الاستراتيجيات المذكورة أعلاه، يمكنك دعم أعضاء الفريق المتضررين من الكوارث الطبيعية ومساعدتهم في التعافي على الصعيدين المهني والشخصي. يمكنك بذلك الإسهام في خلق شعور بالأمان في الوقت الذي انقلبت فيه حياتهم رأساً على عقب بسبب الكارثة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2025.

المحتوى محمي