ملخص: تبدو مقابلات التوظيف تجربة مرعبة للكثيرين. تستعرض المؤلفة إيمي غالو نصائح حصلت عليها من كبار الخبراء المختصين بهذا المجال، وتشارك نصائح استراتيجية حول أفضل طرق الاستعداد وما يجدر بك فعله وقوله كي تترك انطباعاً رائعاً في مقابلات التوظيف، كما تقدم نصائح حول ما يجدر بك فعله إذا لاحظت أن الفتور بدأ يعتري مُحاورك في المقابلة أو أن بعض إجاباتك لم يكن على المستوى المطلوب. الخطأ وارد، واصل المضي قدماً ولا تفقد تركيزك، وأجب عن كل سؤال كما لو كان السؤال الأول. حتى الاعتراف بضعف إجاباتك من خلال بيان تصحيحي، مثل: "هل أقدّم لك إجابات وافية؟ هل هناك معلومات أخرى يمكنني تقديمها لك؟"، ومن ثم التجاوب مع الإشارات الصادرة عنه قد يساعدك على الخروج من المأزق الحالي وإعادة المحادثة إلى مسارها الصحيح.
ثمة جوانب عديدة تؤثر في مجرى سير مقابلات التوظيف لا تنحصر في الأسئلة والأجوبة. تقدّم المحررة في هارفارد بزنس ريفيو، إيمي غالو، دليلاً موجزاً وشاملاً لإتقان التعامل مع مقابلات التوظيف، بدءاً من الاستعداد وصولاً إلى الاستراتيجيات الآنية. هل لديك مواضيع تتعلق بمقابلات التوظيف يجدر بنا تناولها أو أسئلة تريدنا أن نجيب عنها؟ أخبرنا بذلك هنا.
لنفترض أنك ستجري مقابلة توظيف لشغل منصب لطالما أردت الحصول عليه. أحسنت! تهانينا الحارّة!
لكن عندما يحين موعد إجراء المقابلة، قد تسمع الكثير من النصائح المتضاربة. تصرَّف على سجيتك. إياك أن تتصرَّف على سجيتك. تولَّ مسؤولية المقابلة. دع المُحاور يتولى مسؤولية المقابلة. هذا أمرٌ محيّر، أليس كذلك؟ حسناً، أنا هنا لمساعدتك. انتقيت نصائح كبار الخبراء المختصين بهذا المجال وأريد مشاركة نصائح استراتيجية حول أفضل طرق الاستعداد وما يجدر بك فعله وقوله كي تترك انطباعاً رائعاً في مقابلات التوظيف.
كيف تُظهِر تميُّزك في مقابلات التوظيف؟
استعدّ جيداً
لنكن صادقين، إن مهمتك الأساسية في مقابلة التوظيف هي إبهار المحاورين بقدراتك التي تؤكد لهم أنك أنسب شخص لأداء مهام الوظيفة الشاغرة، لكن تحقيق هذه الغاية يستلزم استثمار الوقت في التعرف إلى المؤسسة والوظيفة نفسها، لذلك عليك أن تتعرف قدر الإمكان إلى الهيكل التنظيمي للمؤسسة وثقافتها والاتجاهات السائدة في القطاع الذي تعمل به.
حاول جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات حول المسؤولين عن المقابلة، إن أمكن؛ فقد تجد أن ثمة روابط مشتركة قيّمة تجمعك بهم على المستوى المهني أو الشخصي، ما يسهم في إثراء الحوار وترك انطباع إيجابي دائم عنك.
أخيراً، ابحث عن متطلبات الوظيفة التي تتقدم لشغلها وتحدياتها وحدد بناء عليها سمات المرشح المثالي لها. اسأل نفسك أسئلة، مثل: ما هي المهارات الفنية الأساسية اللازمة لأداء مهام هذه الوظيفة؟ ما هي مهارات التعامل مع الأشخاص التي أحتاجها لتحقيق النجاح؟ ما الذي أحتاج إليه لإثبات أنني أمتلك هذه المهارات فعلياً أو أنني على استعداد لاكتسابها من أجل تحقيق النجاح؟
سيسهم الاستعداد الجيد في تعزيز ثقتك بنفسك وتحسين فرصك في اجتياز المقابلة بنجاح. ولا بد من توافر هذه المعلومات للنجاح في النصيحة التالية، وهي صياغة قصص مؤثرة.
اسرد قصة مؤثرة عنك
هذا صحيح! حان وقت سرد القصص، ويجب أن تدور حول مزاياك التي تجعلك الشخص المثالي للوظيفة. ومثلما يذكّرنا المؤلف كلاوديو فيرنانديز أراوز، قائلاً: "الإنسان بطبعه يصدق القصص أكثر بكثير من تصديقه للأدلة أو البيانات"، إضافة إلى أن القصة المؤثرة تبعث على التعاطف وتعزز إعجاب الآخرين بك. وإذا منحتهم الفرصة للتعرف إليك وبناء رابط شخصي معك، فقد تتمكن من تمييز نفسك عن غيرك من المنافسين.
ولأنك بحثت عن المهارات المطلوبة للوظيفة وما تهتم به المؤسسة، أصبح بإمكانك سرد قصص مؤثِّرة ترتبط بتجاربك وقيمك وإنجازاتك في حياتك العملية والشخصية. اختر 3 أو 4 رسائل رئيسية تريد إيصالها ثم اعمل على صياغة قصصك بما يتوافق معها واحفظها كي تستخدمها للإجابة عن أسئلة المقابلة ذات الصلة.
تقول المؤلفة فيكي أوليفر إن القصص المؤثرة يجب أن تتمتع بمقدمة رائعة وعرض جذاب وخاتمة تجعل المُحاور المسؤول عن المقابلة يتمنى أن تحصل على الوظيفة. حضِّر جملة تمهيدية جذابة، مثل: "اسمح لي أن أخبرك بموقف أنقذتُ فيه المؤسسة"، ثم أخبره عن أي عقبات أو مشكلات واجهتها وكيف تغلبتَ عليها، واحرص على أن تكون القصة موجزة ومؤثرة في آن معاً. ثمة ملاحظة مهمة هنا، وهي أنه ليس من الضروري أن تعكس القصص كلها مثاليتك التامة؛ إذ ستترك انطباعاً حقيقياً وتزداد فرص بناء الروابط الشخصية مع المحاورين حينما تروي قصصاً عن التحديات التي واجهتها والأخطاء التي وقعت فيها، ما دمت تذكر أيضاً الدروس المستفادة منها.
تمرّن مراراً وتكراراً
بمجرد اختيار القصص التي سترويها عليك أن تتدرب على إلقائها، فمن الضروري أن تبدو في المقابلة واثقاً بنفسك وتتمتع بالكفاءة والمرونة وجديراً بالإعجاب. لا أحضُّك هنا على تقمص شخصية مزيفة أو المبالغة في إظهار أهمية خبراتك أو مهاراتك، لكن الكاتبة والمدربة كاثي ساليت تقول: "إنك تخوض اختبار أداء لدور جديد حرفياً"، ومن ثم عليك أن تظهر في أفضل صورة ممكنة. وبما أنك استعددت جيداً، فلا بد أنك تعرف الجوانب التي يجب التركيز عليها من سماتك الشخصية وخبراتك بما يوائم كل وظيفة.
إذاً، ما الذي يجب التمرّن عليه تحديداً؟ حسناً، أولاً، تدرب على الافتتاحية، فالانطباعات الأولى بالغة الأهمية هنا؛ إذ أثبتت الأبحاث أن الآخرين يشكّلون آراءهم حول شخصيتك ومستوى ذكائك في أول 30 ثانية من المقابلة.
قف أمام مرآة وتظاهر بأنك تقدّم نفسك وقيّم أشياء مثل وضعية جسمك ونبرة صوتك ولغة جسدك، بهدف إظهار شعورك بالأريحية وقدرتك على التواصل بوضوح وثقتك بنفسك.
أهم شيء أن تتدرب على سرد قصصك بحيوية وحماس، إذ يجب أن تكون مستعداً لروايتها للإجابة بأسلوب واثق وواضح ومباشر عن أسئلة المقابلة ذات الصلة. يمكنك التدرُّب أمام صديق أو تسجيل أدائك بالفيديو، يمكنك بعد ذلك استخدام الآراء التقييمية لإجراء أي تعديلات ضرورية على مظهرك أو أسلوبك الإلقائي قبل المقابلة الفعلية.
تعامل مع المقابلة باعتبارها محادثة
أجرِ محادثة ممتعة. بمجرد أن تشعر بالأريحية في سرد قصصك، تقدم كاثي ساليت نصيحة فريدة أخرى. بدلاً من التصرف باعتبارك شخصاً يحاول جاهداً الحصول على الوظيفة، تصرف باعتبارك شخصاً يريد إجراء محادثة ممتعة مع المُحاور الذي يجلس أمامك.
أولاً، كُن فضولياً، أو على الأقل تظاهر بالفضول إذا لزم الأمر.
اطرح أسئلة مفتوحة ترتبط بما تسمعه في المقابلة. سيتيح هذا للمحادثة أن تتطور على نحو طبيعي. (إذا كنت بحاجة إلى بعض الأفكار، فشاهد الفيديو الذي نشرتُه في هارفارد بزنس ريفيو بعنوان "38 سؤالاً ذكياً يمكنك طرحها على محاورك في مقابلة العمل" (38 Smart Questions to Ask in a Job Interview).
كن مستعداً للارتجال. أعلم أنني نصحتك للتو بأن تستعد وتتدرب على القصص التي سترويها، لكنها ليست سرديات ثابتة يجب ترديدها أياً كانت الظروف. عليك أيضاً أن تصغي باهتمام وتستعد للاستجابة لكل موضوع جديد في الحوار بالعبارة التقليدية في فن الارتجال "نعم، وأيضاً"، لبناء محادثة تفاعلية وإيجابية.
يذكّرنا المؤلف جون ليز أيضاً بضرورة التحلي بالمرونة وقراءة أفكار الآخرين، ومن ثم تعديل أساليبنا وفقاً لذلك. وإذا شعرت بأن قصصك لا تحقق النتيجة المأمولة، فقد تكون بحاجة إلى تقديم إجابات مختلفة أو تغيير أسلوبك أو التوقف عن الكلام تماماً؛ لأن بعض المحاورين يحب الاستئثار بالحديث، فانتبه وغيّر مسارك حسب الحاجة.
ماذا تفعل إذا لم تسر المقابلة على نحو جيد؟
قد تبذل قصارى جهدك في الاستعداد والتحضير، لكن مقابلات التوظيف لا تسير دائماً على النحو المخطط لها. إليك بعض المزالق المحتملة وما يمكنك فعله حيالها.
الافتقار إلى الخبرة المباشرة. إذا كانت إنجازاتك السابقة تحققت في مجالات لا ترتبط بالوظيفة ارتباطاً مباشراً، فتجنّب التركيز على المجالات التي لا ترقى فيها خبراتك إلى المستوى المطلوب ووجّه تركيزك إلى إمكاناتك والمجالات التي تتميز فيها بالكفاءة عموماً. وإذا استطعت إثبات قدرتك على تعلُّم مهارة أو التكيُّف مع موقف معين، فقد تُقنع هذا المُحاور بغض الطرف عن أي ثغرات محتملة في سيرتك الذاتية. وتساعد إدارة دفة مقابلة التوظيف على هذا النحو في تجنيب المُحاورين الوقوع في مزلق التحيزات اللاإرادية التي تعطي الأفضلية للخبرة على حساب الكفاءة.
أسئلة صعبة حول سيرتك الذاتية. إذا انطوت سيرتك الذاتية على مواقف تدعو إلى الريبة، مثل التوقف عن العمل فترة طويلة من الزمن خلال مسيرتك المهنية أو البقاء فترة قصيرة من الزمن في وظيفة شغلتها مؤخراً، يوصي جون ليز بتجهيز أساليب عديدة للرد كي لا تعييك الحيلة بحثاً عن تفسير لهذه المواقف.
حضِّر أولاً تفسيراً بسيطاً ومباشراً دون الخوض في التفاصيل أكثر من اللازم، ثم حضِّر تفسيراً إضافياً إذا واصل المُحاور أسئلته بهذا الخصوص. على سبيل المثال، إذا لم تحصل على درجة علمية كانت ستفيد في أداء مهام الوظيفة، فكن مستعداً للإجابة عن سؤال مبدئي في هذا الشأن بقول شيء مثل: "شعرت بأنه من الأفضل أن ألتحق بالقوى العاملة مباشرة". وإذا واصل المُحاور ضغطه عليك، فكُن مستعداً للإدلاء بمزيد من التفاصيل، مثل: "فكرت في الأمر بعناية. وأدركت حينها أن هذه الخطوة ستنطوي على دلالات سلبية، لكنني كنت واثقاً من أنني سأتعلم الكثير من خلال اكتساب خبرة العمل المباشرة".
الخطأ وارد، إذا لاحظت أن الفتور بدأ يعتري المُحاور الذي يجري معك المقابلة أو أن بعض إجاباتك لم يكن على المستوى المطلوب، فلا تشغل بالك كثيراً بالأخطاء. واصل المضي قدماً ولا تفقد تركيزك، وأجب عن كل سؤال كما لو كان السؤال الأول. حتى الاعتراف بضعف إجاباتك من خلال بيان تصحيحي، مثل: "هل أقدّم لك إجابات وافية؟ هل هناك معلومات أخرى يمكنني تقديمها لك؟" ومن ثم التجاوب مع الإشارات الصادرة عنه قد يساعدك على الخروج من المأزق الحالي وإعادة المحادثة إلى مسارها الصحيح.
جهّز حيزاً مكانياً ملائماً لإجراء المقابلات الافتراضية
تُجري شركات كثيرة هذه الأيام مقابلات التوظيف افتراضياً. إذا كنت ستجري مقابلة على هذه الشاكلة، فإليك نصائح محددة يجب الالتزام بها استعداداً للمقابلة. أولاً، جهّز الحيز المكاني الذي ستجري فيه المقابلة. يجب أن تكون الخلفية نظيفة وخالية من الفوضى. نظّف الحيز المحيط بك أيضاً، حتى لو لم يكن ظاهراً على الشاشة. فقد أثبتت الأبحاث أن تفكيرنا يتشوّش عندما يكون الحيز المكاني المحيط بنا فوضوياً، أما نظافة الوسط المحيط فتعزز حالتك المزاجية وتقلِّل إحساسك بالتوتر. بمقدور المُحاور ملاحظة هذه الأشياء، وستُحدِث فارقاً كبيراً في أدائك.
يجب أن تكون الإضاءة جيدة بحيث تُظهِر وجهك بوضوح. وتأكد من جودة سرعة الإنترنت لديك. نصيحة من خبير: استخدم اختبار سرعة الإنترنت على جوجل وراجع شبكة الواي فاي (Wi-Fi) التي تستخدمها للتأكد من قدرتك على إجراء المقابلة دون تقطيع.
بعدئذ جهّز نفسك. حتى لو كانت المقابلة افتراضية، عليك ارتداء ملابس مناسبة. وما لم تكن المؤسسة تشترط ارتداء الحُلل الرسمية، ينصح الخبراء بارتداء ملابس غير رسمية بألوان محايدة ليبدو المرشح للوظيفة أكثر مصداقية وجدارة بالثقة وقدرة على الإبداع وسعة اطلاع. ارتدِ ملابس مريحة كي لا تشعر بالحاجة إلى تعديلها في أثناء المقابلة أمام الكاميرا.
استخدم كاميرا الكمبيوتر للتأكد من حُسن هندامك وملاءمة الحيز المكاني مسبقاً كي ترى ما سيراه المُحاورون وأجرِ أي تعديلات ضرورية.
ما يجب فعله وما يجب تجنبه في مقابلات التوظيف
حسناً، لنستعرضها معاً. إليك ملخصاً سريعاً لما يجب فعله وما يجب تجنبه لإظهار تميزك في مقابلات التوظيف.
ما يجب فعله
- استعد جيداً. اجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات مسبقاً عن المؤسسة ومؤهلات الوظيفة ومسؤولياتها وتحدياتها؛ بل واجمع بعض المعلومات عن المُحاور الذي سيجري المقابلة، إن أمكن.
- جهّز قصصك. اختر بضع قصص قصيرة ومؤثرة تربط بين خبراتك والمهارات المطلوبة للوظيفة وقيم المؤسسة.
- تدرّب! تدرّب على إظهار ما يلزم لنجاحك في هذه الوظيفة، أي ثقتك بنفسك وكفاءتك وتقاربك الشخصي مع المحاور. تدرب على إلقاء قصصك وافتتاحيتك (تذكَّر أن أول 30 ثانية من المقابلة تترك انطباعاً مؤثراً!). استخدم مرآة أو سجِّل أداءك بالفيديو أو استعن بصديق أمين لتقييم أسلوبك في الإلقاء وتعديله قبل الوقت المحدد للمقابلة.
- أجرِ محادثة ممتعة. كُن فضولياً ومرناً، واطرح أسئلة وجيهة واعمل على تطوير المحادثة. حاول قراءة أفكار الطرف الآخر بحثاً عن أي انطباعات قد تستلزم تغيير أسلوبك.
- إذا كانت المقابلة افتراضية، فاحرص على تجهيز حيز مكاني نظيف ذي إضاءة جيدة وارتداء ملابس مريحة وملائمة.
ما يجب تجنّبه
- لا تخف من إظهار ضعفك الإنساني. فمن المفيد أن تبدو شخصاً يمكن التعاطف معه برواية قصص عن التحديات التي واجهتها والأخطاء التي وقعت فيها، ما دمت تتناول الدروس المستفادة منها.
- لا تركز على المجالات التي لا ترقى فيها سيرتك الذاتية إلى المستوى المطلوب. اعمل بدلاً من ذلك على إعادة توجيه مسار المحادثة إلى إمكاناتك والمجالات التي تتميز فيها بالكفاءة، وجهّز عدة طرق للرد في حال إلحاح المُحاور عليك للحديث عن المجالات الأخرى.
- لا داعي للذعر إذا لم تسر المقابلة على نحو جيد. ركِّز على تقديم أفضل إجابة ممكنة للسؤال الذي يوجِّهه إليك المُحاور، وإذا لزم الأمر، اسأله بدورك عمّا إذا كنت تقدم له إجابات وافية لمساعدته على إعادة المحادثة إلى مسارها الصحيح.