لماذا تُعد الاجتماعات الكبيرة مضيعة للوقت؟

5 دقائق
اجتماعات مراجعة الأعمال
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: في كثير من الأحيان يتم التعامل مع اجتماعات مراجعة الأعمال، التي يتحدث المدراء والموظفون فيها أمام المسؤولين التنفيذيين وأصحاب المصلحة عن مستجدات المشروع أو الأداء، على أنها مسرحيات؛ يُبذل فيها قدر عظيم من الوقت والجهد من أجل خلق انطباع بأن كل شيء يسير على ما يرام وأن أي مشكلة سيتم التغلب عليها قريباً. لكن هذه الاجتماعات المهدئة لا تترك مجالاً كبيراً لمناقشة المشكلات والثغرات الخطرة ومعالجتها. ومن أجل إبقاء المبادرات في مسارها الصحيح ومعالجة المشكلات الفعلية التي تواجهها المؤسسة والعملاء، يجب على القادة تحديث أساليبهم في اجتماعات المراجعة باتباع 3 خطوات: 1) وضع جداول العمل للنظر في المستقبل وليس لمراجعة الماضي 2) إنشاء ثقافة أمان تتيح طرح الأفكار ومناقشة المشكلات الصعبة 3) إجراء تقييم دقيق لكل اجتماع مراجعة من أجل تحسين الاجتماع التالي.

تبذل معظم المؤسسات قدراً كبيراً من الوقت والجهد في اجتماعات مراجعة الأعمال. وتتعدد الموضوعات التي تتناولها هذه الاجتماعات، كالمشاريع الأساسية، وإجمالي إيرادات المبيعات، والأداء العام للشركة أو الوحدة. في جميع الحالات، يكون الهدف إنشاء حوار بين كبار المسؤولين التنفيذيين ومدراء العمليات حول أداء الشركة أو المشروع، ومقارنته بالأهداف الاستراتيجية ومواضع الفجوات المحتملة، وما يتطلبه سد هذه الفجوات.

تكون هذه الاجتماعات أداة قوية عندما تُجرى على النحو الصحيح، ومن دونها يمكن أن تخرج المبادرات عن مسارها، وتستمر بعض المشاريع في استهلاك الموارد على الرغم من ضرورة إيقافها، ويمر الأداء الضعيف دون حساب أو تصحيح، ولا يحظى الموظفون المتميزون بأي تقدير. وفي نهاية المطاف يفاجأ القادة بمشكلات كان عليهم معالجتها في وقت أبكر بكثير.

لكن للأسف، فإن كثيراً من اجتماعات مراجعة الأعمال ما هي إلا استعراضات بلا فحوى مهم، وهي تتحول إلى ما أسميه “اجتماعات مراجعة الأعمال”. سأضرب لك مثلاً: قبل بضعة أعوام، عملت مع الرئيس التنفيذي لشركة تصنيع متنوعة، وكانت كل وحدة عمل تقضي عدة أسابيع من كل عام في التحضير للمراجعات ربع السنوية التي يقدم فيها المدراء أرقام الأداء الحالية، ويسلطون الضوء على أوجه الخلل في الأرقام، ويقدمون التفسيرات، ويوضحون ما كانوا يفعلونه لإعادة الأمور إلى مسارها، وإذا طرح الرئيس التنفيذي أو الرئيس التنفيذي للشؤون المالية سؤالاً كان المدراء يجيبون باستعراض إتقانهم التام للعمل.

لكن ذلك لم يعجب الرئيس التنفيذي والرئيس التنفيذي للشؤون المالية. فعلى الرغم من سير معظم أعمال الشركة على نحو جيد، كانت بعض الإشارات المتعلقة بالمستقبل مقلقة، مثل قاعدة عملائها المتقادمة، وظروف الاقتصاد الكلي المتغيرة، ودخول منافسين جدد إلى أسواقها، وعدم كفاية تطوير المنتجات الجديدة والابتكار فيها. لم يكن لدى القادة الوقت الكافي للتعمق في هذه المشكلات خلال اجتماعات المراجعات، وكان الجواب عن أسئلتهم حولها يتمثل في وصف الطريقة التي تتبعها الشركة للتعامل معها بالفعل.

بحسب خبرتي، هذه ليست حالة معزولة، فاجتماعات المراجعات تخلو في كثير من الأحيان من النقاشات الحقيقية أو الأسئلة المهمة أو إجراءات المتابعة. إذن، كيف يمكن للشركات التوقف عن هدر ساعات من الوقت الثمين في التحضير لاجتماعات تراجع ما حدث في الماضي والاستعاضة عنها بإنشاء مناقشات تساعد في الاستعداد للمستقبل؟

لماذا نلجأ إلى اجتماعات مراجعة الأعمال؟

تتمثل الخطوة الأولى في فهم أساس المشكلة. يرجع انتشار اجتماعات مراجعة الأعمال إلى سببين أساسيين.

ينبع الأول من عجز كبار القادة عن وضع جدول أعمال مناسب لاجتماعات المراجعة، ومن الطبيعي للمدراء الذين لا يتلقون التوجيهات المناسبة التركيز على مجالات قوتهم أو محاولة مراجعة جميع جوانب الأعمال.

أما السبب الثاني، فهو أن مدراء وحدات العمل أو المشاريع يخشون أن تكشف المراجعات نقائص عملهم التي قد تجعلهم يظهرون بمظهر سيئ أو تعرضهم لتدقيق كبار المسؤولين التنفيذيين أو تدخّلهم،  ويتفاقم هذا الخوف عندما يكون للمسؤول التنفيذي تاريخ في إحراج موظفيه بأسئلة تهدف إلى وضعهم في مأزق أو توبيخهم أمام زملائهم بسبب ارتكاب خطأ ما.

من الضروري معالجة هاتين المشكلتين كي تصبح مراجعة الأعمال منتجة أكثر، وبناء على عملي مع مئات الشركات على مدى أعوام، أقترح 3 خطوات أساسية:

ركّز على المستقبل

من أجل وضع جدول عمل مثمر بدرجة أكبر، نظّم جلسة المراجعة بحيث تتناول مواضيع محددة قابلة للتنفيذ يمكنها تحسين الأداء المستقبلي. تنطوي كلمة “مراجعة” على النظر نحو الماضي، ومن الضروري فعلاً أن تعرف ما حدث في الشهر أو الأشهر الثلاثة الماضية كي تتعلم منه. لكن يمكن إرسال هذه المعلومات مسبقاً كي يركز النقاش على أسباب سير الأمور بطريقة معينة في الماضي وما يمكن فعله لتغييرها في المستقبل. يجب أن يشارك كبار القادة للمساعدة في تحديد هذه المواضيع المهمة على اعتبارهم الجمهور المستهدف، ويجب أن يشاركوا بفاعلية في وضع جدول الأعمال والتركيز على القضايا ذات الأولوية التي تحتاج حقاً إلى المناقشة.

مثلاً، استعن ببطاقات قياس أداء المشروع التي استخدمتها شركة برمجيات التعرف على الصوت “نيوانس” (Nuance) في مراجعاتها. يطالب الرئيس التنفيذي مارك بنجامين بأن تسلط بطاقة قياس الأداء الضوء على الأداء الحالي والتقدم المحرز في الأسئلة الاستراتيجية الثلاثة التالية: كيف يمكننا زيادة قابلية التوسع؟ كيف نستفيد من استخدامنا للسحابة الإلكترونية؟ كيف نزيد استثماراتنا في الفرص التي يمكن أن تشكل نقاط انعطاف مهمة لنمو الشركة؟ وبذلك اعتبر فريقه المراجعات جلسات عمل تدور حول طرق تحسين الأداء الحالي مع معالجة هذه المسائل الجوهرية.

أدى تحويل التركيز بهذا الشكل إلى تغيير كبير في منظمة مساعدات دولية عملت معها. كان مجلس الإدارة محبطاً من المطالبة الدائمة بمراجعة المشاريع المكتملة تماماً، فعقد أعضاؤه اجتماعاً لمراجعة المشاريع التي لا تزال في مراحل الفكرة الأولى وساعدوا الموظفين والمدراء في المستويات الوظيفية الأدنى في تنفيذ العروض التقديمية حول المشاريع التي يعملون عليها. منح ذلك مجلس الإدارة الفرصة للمساهمة في الأفكار وتقديم الإرشاد والتوجيه حول المشاريع المستقبلية بدلاً من المصادقة التلقائية الروتينية على المشاريع المنتهية بالفعل.

فكر في قائمة المدعوين إلى جلسات المراجعة بناءً على التركيز الذي ترغب فيه. يجب أن يكون المشاركون مناسبين للهدف، وأن يتم اختيارهم بناء على تأثيرهم في تقدم المشروع أو الشركة نحو المرحلة التالية وليس بناء على مراكزهم أو ألقابهم.

أنشئ مساحة آمنة لخوض حوار قوي

للتغلب على خوف المشاركين من الظهور بمظهر عديمي الكفاءة، يجب أن تمنحهم الشعور بالحرية ليعبروا عن آرائهم ويطرحوا أفكارهم ويتحدى بعضهم بعضاً. ومن أجل إنشاء هذا المكان الآمن، يجب أن تحقق توازناً بين اتخاذ موقف سلبي جداً من جهة والتعامل بأسلوب ناقد جداً من جهة أخرى.

إذا اتخذت موقفاً سلبياً على اعتبارك مستمعاً من كبار القادة، فلن تحصل سوى على تمثيلية. في شركة أدوية كنت أعمل معها، كان على كبار المسؤولين التنفيذيين، وكثير منهم من علماء الشركة، أن يتعلموا التعامل بصرامة أكبر مع أفراد الفريق من خلال تفحص البيانات بتعمق أكثر ودفعهم لطرح الأسئلة الصعبة حول تأثير هذه البيانات في طرق التقدم بدلاً من قبول كل ما يقدمونه.

وإذا توليت زمام الأمور، وهيمنت على المحادثة، وحططت من شأن الموظفين، وتصرفت كأنك أذكى شخص في الغرفة، فلن تحصل سوى على تمثيلية أيضاً، ولكن سيكون الممثلون (المدراء) حذرين ومترددين في خوض نقاش أو طرح مشكلات صعبة لا يملكون أجوبة جاهزة عنها. في منظمة المساعدات التي عملت معها، بدأ مجلس الإدارة بإدخال الموظفين إلى جلسات لتوليد الأفكار تتسم بروح الزمالة. في الجلسات الأولى لم يشعر الموظفون بالراحة للعمل مع القادة الذين اعتادوا تلقي الأحكام منهم، لكن مع مرور الوقت لاحظوا أن مزج خبراتهم الفنية مع فطنة أعضاء مجلس الإدارة السياسية أدى إلى مشاريع قابلة للاستمرار أكثر.

إحدى الطرق لتحقيق هذا التوازن هي طرح الأسئلة وعدم الاكتفاء بتقديم الآراء. اعتادت رئيسة تنفيذية عملت معها في شركة تصنيع أن تكون سلطتها نابعة من منصبها بناءً على التراتبية الهرمية، وكانت تحب أن يذعن الجميع لها. لكن ذلك كان يحط من رغبة الموظفين في خوض نقاش حقيقي معها حول ما يجب فعله. وعندما تعلمت أن تطرح الأسئلة بدأ المدراء بالتعبير عن آرائهم وأفكارهم، ما أدى إلى نقاشات أوسع، وحلّ المشكلات بفعالية أكبر، وعملية تعلم أفضل بكثير.

راجع اجتماعات المراجعة

تتمثل الخطوة الثالثة لتفادي اجتماعات مراجعة الأعمال في التقييم الدوري للعملية نفسها وتعديلها.

خذ، مثلاً، أوغوري (Augury)، وهي شركة سريعة النمو تعمل في مجال صحة الآلات القائمة على إنترنت الأشياء، حيث تشارك كارين روبن، رئيسة قسم شؤون الموظفين والثقافة، في تنظيم الكثير من اجتماعات مراجعات الأعمال. وتماشياً مع الفلسفة المرنة التي تتبناها الشركة والمتمثلة في “البناء والقياس والتعلم”، تجمع كارين البيانات بعد كل اجتماع لتحديد ما نجح وما يمكن تحسينه. وعندما دعا أحد المسؤولين التنفيذيين في الشركة 40 شخصاً إلى اجتماع مراجعة ربع سنوي للمبيعات يتضمن كثيراً من شرائح العرض والبيانات التي يجب عرضها ضمن إطار زمني ضيق، عملت كارين مع هذا المسؤول التنفيذي من أجل توضيح نطاق هذه المراجعة، والحصول على المواد مسبقاً، وإعادة النظر في قائمة المشاركين، وصياغة الأسئلة الأساسية التي يجب معالجتها، وإعادة تصميم العملية، فكان اجتماع المراجعة التالي حواراً بنّاء بدرجة أكبر بكثير.

لا يمكن تحديد طريقة واحدة صحيحة لإجراء اجتماعات مراجعة الأعمال أو المشاريع، لكن إذا تحولت اجتماعاتك إلى مسرحيات تمثيلية، فقد يكون الوقت قد حان لاتباع طريقة مختلفة. هذه التغييرات البسيطة قادرة على تحويل عملية مراجعة المشاريع إلى اجتماع لحلّ المشكلات يركز على تغيير المستقبل لا تجديد الماضي.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .